ولقى جمعا كثيرا من الفضلاء ، وأخذ عنهم ، وأخدوا عنه ، منهم : الصلاح الصفدى ، وكتب عنه البيتين الآنى ذكرهما أخيرا ، وأوسع فى الثناء عليه ، وخرج له الإمام جمال الدين محمد بن الشيخ موسى المراكشى المكى ، مشيخة حسنة عن شيوخه ، ولم يقدر لى قراءتها عليه ، ولا سمعها عليه أحد ، غير أن بعض أصحابنا المكيين ، أخبرنى أنه قرأ عليه أحاديث شيوخ السماع ، ببستانه بنخل ربيد.
وكانت له بالحديث عناية غير قوية ، وكذا بالفقه ، وله تحصيل فى فنون من العلم ، ولا سيما اللغة ، فإن له فيها اليد الطولى ، وألف فيها تواليف حسنة ، منها : القاموس المحيط ، ولا نظير له فى كتب اللغة ، لكثرة ما حواه من الزيادات على الكتب المعتمدة ، كالصحاح وغيرها.
ومن تواليفه : شرح الفاتحة ، ألفه فى ليلة واحدة ، على ما ذكر. وشرح على البخارى ، ما أظنه أكمله. وكتاب فى الأحاديث الضعيفة ، مجلدات. وكراس فى علم الحديث ، رأيته بخطه. وله الدر الغالى فى الأحاديث العوالى ، والصلات والبشر فى الصلاة على خير البشر. والمغانم المطابة فى معالم طابة. والوصل والمنى فى فضائل منى. وشىء فى فضل الحجون ، ومن دفن فيه من الصحابة. ولم أر فى تراجمهم فى كتب الصحابة ، التصريح بأنهم دفنوا جميعا بالحجون ، بل ولا أن كلهم مات بمكة ، فإن كان اعتمد فى دفنهم أجمع بالحجون ، على من قال : إنهم نزلوا مكة ، فيلزم من نزولهم بها ، أن يكون جميعهم دفن بالحجون ، فإن الناس كانوا يدفنون بمقبرة المهاجرين بأسفل مكة ، وبالمقبرة العليا بأعلاها ، وربما دفنوا فى دورهم. والله أعلم. والمتفق وضعا والمختلف صقعا والمرقاة الوفية فى طبقات الحنفية ، أخذها من طبقات الشيخ محيى الدين عبد القادر الحنفى. والروض المسلوف فيما له إسمان إلى ألوف.
وتجبير الموشين فى السين والشين. وأسماء الخمر. وترقيق الأسل فى تصفيق العسل ، كراريس ، ألفها فى ليلة ، عندما سأله بعض الناس عن العسل ، هل هو قىء النحلة أو خرؤها. والإسعاد إلى رتبة الاجتهاد. وفضل السلامة على الخبزة ، كفضل الدر على الخرزة. والسلامة والخبزة : قريتان بوادى الطائف.
وألفيت بخطه فى إجازة لبعض أصحابنا ، ذكر تواليف له كثيرة جدا ، ومنها بعض ما ذكرناه من تواليفه ، وفيما ذكرناه زيادة فائدة فى ذلك. فنذكر ذلك كله لما فيه من الفائدة.