القائل القول لو فاه الزمان به |
|
كانت لياليه أياما بلا ظلم |
والفاعل الفعلة الغراء لو مزجت |
|
بالنار لم يك ما بالنار من حمم |
وفيه بعد ذكر هدية إليه من مستدعيه :
ولو نطيق لنهدى الفرقدين لكم |
|
والشمس والبدر والعيوق والفلكا |
وما عرفت خبره مع مستدعيه ، ودار فى البلاد حتى وصل إلى عدن ، ثم إلى مكة ، وما عاد إلى مكة إلا فى سنة اثنتين وثمانمائة ، من بلاد اليمن ، فحج وجاور بقية السنة ، وشيئا من أول السنة التى بعدها ، وجعل داره التى أنشأها الصفا ، مدرسة للملك الأشراف صاحب اليمن ، وقرر بها طلبة وثلاثة مدرسين ، فى الحديث ، وفى فقه مالك ، والشافعى وزار المدينة النبوية ، وقرر بها مثل ما قرر بمكة ، واشترى حديقتين بظاهرها وجعلها لذلك ، ثم عاد إلى مكة ، ثم إلى اليمن لقصد الأشرف ، فمات الأشرف قبل وصوله إليها ، فأعرض عما قرره ، ثم قدم إلى مكة ، فى سنة خمس وثمانمائة ، فى رمضان ـ فيما أحسب ـ وذهب فى بقيتها إلى الطائف قبل الحج ، ثم حج وأقام بمكة مدة ، وبالطائف ، فى سنة ست وثمانمائة ، وحج فيها ، وتوجه إلى المدينة مع الحاج ، لتقريره ما كان اشتراه بها ، فإنه نوزع فيه ، ثم عاد إلى مكة بعد أن ظفر ببعض قصده ، وتوجه إلى اليمن ، على طريق السراة (١) ، وأقام بالخلف والخليف (٢) نحو تسعة أشهر ، ثم توصل منه إلى زبيد ، وأقام بها غالبا ، وبتعز مدة ، لما كان فوض إليه من تداريس مدارس بها، منها : المؤيدية والمجاهدية ، وغير ذلك. وكان يرغب فى الرجوع إلى مكة ، فما قدر له ذلك حتى مات.
وكان يحب الانتساب إلى مكة ؛ لأنه كان يكتب بخطه : الملتجئ إلى حرم الله تعالى ، واقتدى فى كتابة ذلك ، بالرضى الصاغانى اللغوى الآتى ذكره.
وكان يذكر أنه من ذرية الشيخ أبى إسحاق الشيرازى ، مؤلف «التنبيه» وذكر له
__________________
(١) السّراة : بلفظ جمع السرى ، وهو جمع جاء على غير قياس أن يجمع فعيل على فعلة ولا يعرف غيره ، وكذا قاله اللغويون. وقال الأصمعى : السراة الجبل الذى فيه طرف الطائف إلى بلاد أرمينية ، وفى كتاب الحازمى : السراة الجبال والأرض الحاجزة بين تهامة واليمن ولها سعة ، وهى باليمن أخص. انظر : معجم البلدان (السراة).
(٢) الخليف : بفتح أوله ، وكسر ثانيه : شعب فى جبلة الجبل. والخليف : الطريق الذى بين الشعبين يشبه الزقاق ، لأن سهمهم تخلّف. وقال الحفصى : خليف صماخ قرية ، وصماخ : جبل. وخليف عشيرة : وهو نخل. انظر : معجم البلدان (الخليف).