نسبا إليه ، أملاه على بعض أصحابنا ، لما كتب سماعنا عليه. تقدم ذكره ، واستغرب ذلك الناس منه ، واستغربوا منه أكثر ، ما كان يذكره من انتسابه إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه، من جهة الشيخ أبى إسحاق.
وكان حوى من الكتب شيئا كثيرا ، فأذهبها بالبيع ، وما وجد له بعد موته منها ، ما كان يظن به. ومتعه الله تعالى ، بسمعه وبصره ، بحيث إنه قرأ خطا دقيقا قبيل موته بيسير.
وكان موته فى ليلة الثلاثاء ، العشرين من شوال سنة سبع عشرة وثمانمائة بزبيد ، ودفن بمقبرة الشيخ إسماعيل الجبرتى ، بباب سهام.
وما ذكرناه من تاريخ ليلة موته ، موافق لرؤية أهل زبيد لهلال شوال ، وعلى رؤية أهل عدن وغيرهم ، يكون موته فى ليلة تاسع عشر شوال. والله أعلم.
أنشدنى العلامة اللغوى ، قاضى الأقضية ببلاد اليمن ، مجد الدين أبو الطاهر محمد بن يعقوب بن محمد الفيروزابادى بمنى سماعا ، وأكبر ظنى أنى سمعته من لفظه لنفسه :
أحبتنا الأماجد إن رحلتم |
|
ولم ترعوا لنا عهدا وإلا |
نودّعكم ونودعكم قلوبا |
|
لعل الله يجمعنا وإلا |
وهذان البيتان هما اللذان كتبهما عنه الصلاح الصفدى ، وسمعت من ينتقد عليه قوله فى آخر البيت الثانى «وإلا» بما حاصله : أنه لم يتقدم له ما يوطئ له ، وأن مثل هذا لا يحسن إلا مع تقديم توطئة للمقصود. والله أعلم.
وأنشدنى شيخنا المذكور إذنا ، قال : دخلت على الشيخ تقى الدين ببستانه بالزعفرانية ظاهر دمشق ، فأنشدنى من لفظه :
مضى عصر الصبا لا فى انشراح |
|
ولا عيش يطيب مع الملاح |
ولا فى خدمة المولى تعالى |
|
ففيه كل أنواع الفلاح |
وكنت أظن يصلحنى مشيبى |
|
فشبت فأين آثار الصلاح |
وأنشدنى هذه الأبيات ، صاحبنا الإمام أبو المحاسن محمد بن إبراهيم الحنفى ، سماعا من لفظه عن شيخنا القاضى مجد الدين من لفظه ، وحكى عنه قصة إنشادها ، وفى معنى هذه الأبيات باختصار بليغ ، قول القائل :
وأضعت عمرك لا خلاعة ماجن |
|
حصلت فيه ولا وقار مبجل |