٨٠٣ ـ ألدمر بن عبد الله الناصرى ، يلقب سيف الدين :
كان أحد الأمراء المقدمين بالقاهرة ، وأمير جاندار.
توفى فى يوم الجمعة رابع عشر ذى الحجة ، سنة ثلاثين وسبعمائة بمكة مقتولا ، قتله مبارك بن عطيفة بن أبى نمى ، وقيل : محمد بن عقبة بن إدريس بن قتادة الحسنى المقدم ذكره. وصححه النويرى فى تاريخه.
وحكى أن سبب قتله : أن بعض عبيد مكة ، عبثوا على بعض حجاج العراق ، وتخطفوا أموالهم ، فاستصرخ الناس به ، وكان قد تأخر عن الحاج مع أمير الركب لصلاة الجمعة بمكة ، فنهض والخطيب على المنبر ، ليمنعهم من الفساد ، ومعه ولده ، فتقدم الولد ، فضرب بعض العبيد ، فضربه العبد بحربة فقتله ، فلما رأى أبوه ذلك ، اشتد غضبه ، وحمل ليأخذ بثأر ابنه ، فرمى الآخر بحربة ، فمات.
وذكر أن الخبر وقع بذلك فى القاهرة ، فى يوم الجمعة هذا. وقضى الله تعالى بالشهادة معهما لجماعة آخرين. ونهبت للناس أموال كثيرة ، وجرت أمور عجيبة على ما ذكر البرزالى ، نقلا عن كتاب العفيف المطرى ، لأنه قال : لما كان يوم الجمعة عند طلوع الخطيب على المنبر ، حصلت هوشة ، ودخلت الخيل المسجد الحرام وفيهم جماعة من بنى حسن ملبسين غائرين ، وتفرق الناس ، وركب بعضهم بعضا ، ونهبت الأسواق ، وقتل من الخلق جماعة من الحجاج وغيرهم ، ونهبت الأموال ، وصلينا نحن الجمعة والسيوف تعمل. وخرج الناس إلى المنزلة ، واستشهد الأمير سيف الدين ألدمر أمير جاندار ، وابنه خليل ومملوك لهم ، وأمير عشرة يعرف بابن الباجى ، وجماعة نسوة وغيرهم من الرجال. وسلمنا من القتل. كانت الخيل فى إثرنا يضربون بالسيوف يمينا وشمالا ، وما وصلنا إلى المنزلة وفى العين قطرة ، ودخل الأمراء بعد الهزيمة إلى مكة ، لطلب بعض الثأر ، وخرجوا فارين مرة أخرى ، ثم بعد ساعة جاء الأمراء خائفين ، وبنو حسن وغلمانهم أشرفوا على ثنية كدى من أسفل مكة ، فأمروا بالرحيل ، ولو لا سلّم الله تعالى ، كانوا نزلوا عليهم ولم يبق من الحجاج مخبر ، فوقف أمير المصريين فى وجوههم ، وأمر بالرحيل. فاختبط الناس ، وجعل أكثر الناس يترك ما ثقل من أحمالهم ، ونهب الحاج بعضه بعضا. انتهى.
وقد بين القاضى شهاب الدين الطبرى ، شيئا من أسباب هذه القضية فى كتاب كتبه
__________________
٨٠٣ ـ انظر ترجمته فى : (السلوك لمعرفة دول الملوك ٣ / ٩٩ ، ١٣٣).