عياش بن أبى ربيعة ، فمات بمكة. وأما الحارث بن هشام ، فمات بالشام فى طاعون عمواس ، سنة ثمانى عشرة. وهكذا ذكر غير واحد فى تاريخ وفاته. وقد روى أنه بقى إلى زمن عثمان رضى الله عنه.
روى يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب ، عن ابن شهاب ، عن أبى بكر بن عبد الرحمن : أن الحارث بن هشام كاتب عبدا له فى كل أجل شىء مسمى. فلما فرغ من كتابته ، أتاه العبد بماله كله ، فأبى الحارث أن يأخذه وقال : لى شرطى ، ثم إنه رفع ذلك إلى عثمان بن عفان رضى الله عنه ، فقال عثمان : هلمّ المال اجعله فى بيت المال ، فتعطيه فى كل أجل ما يحل ، وعتق العبد. قال يونس : هذا قول مالك وأهل المدينة.
وقال عبد الله بن المبارك عن حنظلة بن أبى سفيان : سمعت سالم بن عبد الله ، قيل له: فيمن نزلت هذه الآية : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ). فقال : كان رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، يدعو على صفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام ، فنزلت هذه الآية. كذا رواه حنظلة عن سالم مرسلا. ورواه عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر عن سالم عن أبيه. قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم أحد : «اللهم العن الحارث ، اللهم العن أبا سفيان ، اللهم العن صفوان بن أمية» (١) فنزلت : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) [آل عمران : ١٢٧]. فتاب عليهم ، فأسلموا وحسن إسلامهم.
وقال الزبير : حدثنى مصعب بن عثمان ، قال : حدثنى نوفل بن عمارة ، قال : جاء الحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، فجلسا عنده ، وهو بينهما. فجعل المهاجرون الأولون يأتون عمر رضى الله عنه ، فيقول : هاهنا يا سهيل ، هاهنا يا حارث ، ينحّيهما عنهم ، وجعل الأنصار يأتون عمر رضى الله عنه ، فينحّيهما عنهم كذلك ، حتى صاروا فى آخر الناس. فلما خرجا من عند عمر رضى الله
__________________
(١) أخرجه الترمذى فى سننه كتاب تفسير القرآن حديث رقم (٣٠٠٤) من طريق : أبو السائب سلم بن جنادة بن سلم الكوفى ، حدثنا أحمد بن بشير ، عن عمر بن حمزة ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم أحد اللهم العن ... فذكره
وقال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب يستغرب من حديث عمر بن حمزة عن سالم عن أبيه وقد رواه الزهرى عن سالم عن أبيه لم يعرفه محمد بن إسماعيل من حديث عمر بن حمزة وعرفه من حديث الزهرى.