وكان ماهرا فى الفقه وأصوله ، مشاركا فى غيرهما ، ويذاكر من الحديث ومتعلقاته بأشياء حسنة ، وله عدة تواليف منها : شرح الحاوى الصغير ، وشرح جمع الجوامع لقاضى دمشق تاج الدين السبكى ، ومختصر المهمات ، وتأليف على صحيح البخارى ، يتعلق برجاله ، وغير ذلك ، وأظنه سمع من شيوخنا الدمشقيين بالإجازة. وألفيت بخطه شيئا ، رواه عن تاج الدين السبكى من طبقات الفقهاء الشافعية له ، وأظن ذلك إجازة ، وإلا فوجادة.
وناب فى الحكم بدمشق عن قاضيها شمس الدين بن الإخنائى فى أواخر ولايته ، وعن غيره من قضاتها بعده ، ورزق قبولا عند متوليها الأمير نوروز الحافظى ، وبإشارته ولى قضاء دمشق تاج الدين عبد الوهاب بن القاضى شهاب الدين الزهرى المقدم ذكر أبيه.
وولى نظر البيمارستان النورى بدمشق ، ونظر جامعها الأموى وغير ذلك من الأنظار الكبار ، كوقف الحرمين والبرج والغازية ، وحمد فى مباشرته لتنميته غلال ما ينظر فيه من الأوقاف وقلة طمعه فى ذلك ، وعادى فى أمر الأوقاف التى تنظّر فيها جماعة ممن له فيها استحقاق من القضاة والفقهاء وغيرهم ، وظهر عليهم فى غير ما قضية.
وكان ينطوى على دين وخير وعبادة ومروءة وعناية بأصحابه ، وفى خلقه حدة ، وعادت عليه هذه الحدة بضرر فى غير ما قضية.
وكان بأخرة عند حكام دمشق أعظم قدرا من كثير من قضاتها وفقهائها ، وإليه الإشارة فيما يعقد من المجالس ، وحكم بجرح غير واحد من القضاة بدمشق ، ومنع بعض المفتين والوعاظ من الفتيا والوعظ ، وتم له ما أراد فى بعض ذلك.
وولى التدريس ببعض مدارس دمشق ، ومشيخة بعض الخوانق بها ، وتصدى بدمشق للتدريس والإفادة والفتيا ، وأتى من دمشق إلى مكة حاجا أربع مرات أو أكثر ، وجاور بها ثلاث سنين متفرقة ، وهى غالب سنة سبع وثمانين ، وسنة تسع وثمانمائة ، وسنة موته.
وفى سنة تسع وثمانمائة ، توجه للطائف لزيارة حبر الأمة عبد الله بن عباس رضى الله عنهما ، وعاد إلى مكة بعد أيام قليلة ، وأقرأ فى هذه السنة بالمسجد الحرام مختصر ابن الحاجب فى الأصول ، فى حلقة حافلة بالنبهاء ، وأقرأ غير ذلك بمنزله بشباك رباط السدرة وغيره ، وأذن فيها لغير واحد من طلبته فى الفتيا والتدريس ومضى بعد الحج من هذه السنة إلى دمشق ، ولم يقدر له بعد ذلك وصول إلى مكة ، إلا فى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة ، فكان إتيانه إليها مع الحجاج الشاميين بعياله وولده. وكان فى