فى خزانة الكعبة ، فقسمه مع كسوتها على أصحابه.
فلما بلغه قتل أبى السرايا ، ورأى تغير الناس عليه لسوء سيرته وسيرة أصحابه ، أتى هو وأصحابه إلى محمد بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على عليهالسلام ، وقالوا له : تعلم منزلتك فى الناس ، فهلم نبايع لك بالخلافة ، فإن فعلت ، لم يختلف عليك رجلان ، فامتنع من ذلك ، فلم يزل به ابنه علىّ ، وحسين بن الحسن الأفطس ، حتى غلباه على رأيه وأجابهم ، فأقاموه فى ربيع الأول ، فبايعوه بالخلافة وجمعوا الناس فبايعوه طوعا وكرها ، وسموه أمير المؤمنين. فبقى شهورا وليس له من الأمر شىء ، وابنه على وحسين وجماعتهم ، ساروا أقبح سيرة ، فوثب حسين بن حسن على امرأة من بنى فهر كانت جميلة وأرادها على نفسها ، فامتنعت منه ، فأخاف زوجها وهو من بنى مخزوم حتى توارى عنه ، ثم كسر باب دارها ، وأخذها إليه مدة ثم هربت منه ، ولم يلبثوا إلا يسيرا ، حتى قدم إسحاق بن موسى العباسى من اليمن ، فنزل المشاش ، فاجتمع الطالبيون إلى محمد بن جعفر وأعلموه ذلك ، وحفر خندقا بأعلى مكة ، وجمعوا الناس من الأعراب وغيرهم ، فقاتلهم إسحاق ، ثم كره القتال ، فسار نحو العراق ، ولقيه الجند الذى نفذهم هرثمة إلى مكة : الجلودى ، وورقاء بن جميل ، فقالوا لإسحاق : ارجع معنا ونحن نكفيك القتال. فرجع معهم ، فقاتلوا الطالبيين فهزمهم وفارقوا مكة.
وذكر الزبير فى كتاب النسب : أن حسينا الأفطس خرج من مكة حينئذ ، قال : وأمه جويرية بنت خالد بن أبى بكر بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب ، وأمها عائشة بنت عمر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، ونسب الزبير بن بكار ، حسين الأفطس ، كما ذكرنا ، وما عرفت ما آل إليه أمره.
وذكر العتيقى فى أمراء الموسم ، ما يخالف ما سبق فى تاريخ قدوم الحسين الأفطس إلى مكة ؛ لأن ما سبق يقتضى أنه قدمها ليلة النحر ، وكلام العتيقى يقتضى أنه قدمها قبل التروية ؛ لأنه قال : وكان أمير الموسم سنة تسع وتسعين ، محمد بن داود بن عيسى بن موسى ، فلما كان بمنى قبل التروية بيوم ، وثب ابن الأفطس العلوى بمكة. فقبض من غلب عليها ، وصار إلى منى ، فتنحى عنه محمد بن داود ، ولم يمض إلى عرفة ، ومضى الناس إلى عرفات بغير إمام ، ودفعوا منها بغير إمام. ووافى الأفطس الموقف ليلا ، فوقف ، ثم صار إلى مزدلفة ، فصلى بالناس صلاة الفجر ، ووقف بهم عند المشعر ، ودفع بهم غداة جمع ، وصار إلى منى. انتهى.