والمجارف التى كانوا قد هيئوها لنبش الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما.
وكان ذلك فى ذى الحجة سنة ست عشرة وسبعمائة.
ثم قال : ولما ورد كتاب الأمير أسد الدين رميثة بما تقدم ، ندب السلطان إلى مكة شرفها الله تعالى ، الأميرين سيف الدين أيتمش المحمّدى ، وسيف الدين بهادر السعيدى أمير علم ، وأمرهما أن يستصحب كل واحد منهما عشرة من عدته ، وجرد معهما من كل أمير مائة ، جنديّين ، ومن كل أمير طبلخانة ، جنديّا واحدا ، وتوجها إلى مكة لإحضار حميضة ، ومن حضر من التتار ، فتوجها فى يوم السبت سادس عشر ربيع الأول بمن معهما ، فوصلا إلى مكة ، وأرسلا إلى حميضة فى معاودة الطاعة ، وأن يتوجه معهما إلى الأبواب السلطانية ، فاعتذر أنه ليس معه من المال ما ينفقه على نفسه ومن معه فى سفره ، وطلب منهما ما يستعين به على ذلك ، فأعطياه.
فلما قبض المال تغيب ، وعادا إلى القاهرة ، فوصلا فى يوم الأحد السادس والعشرين من جمادى الآخرة من السنة ، يعنى سنة سبع عشرة.
ثم قال فى أخبار سنة ثمانى عشرة وسبعمائة : وفى صفر من هذه السنة ، وردت الأخبار من مكة شرفها الله تعالى ، أن الأمير عز الدين حميضة بن أبى نمى بعد عود الحاج من مكة ، وثب على أخيه الأمير أسد الدين رميثة بموافقة العبيد ، وأخرجه من مكة ، فتوجه رميثة إلى نخلة ، وهى التى كان بها حميضة ، واستولى حميضة على مكة شرفها الله تعالى.
وقيل إنه قطع الخطبة السلطانية ، وخطب لملك العراقين ، وهو أبو سعيد بن خربندا بن أرغون بن أبغا بن هولاكو ، فلما اتصل ذلك بالسلطان ، أمر بتجريد جماعة من أقوياء العسكر. فجرد الأمير صارم الدين الجرمكى ، والأمير سيف الدين بهادر الإبراهيمى ، وجماعة من الحلقة ، وأجناد الأمراء ، من كل أمير مائة ، فارسين ، ومن كل أمير طبلخانة ، جنديا ، وأمر بالمسير إلى مكة ، وأن لا يعودوا إلى الديار المصرية ، حتى يظفروا بحميضة ، فتوجهوا فى العشر الأواخر من شهر ربيع الأول من هذه السنة. انتهى بلفظه.
وذكر أن الإبراهيمى لما توجه لمحاربة حميضة والقبض عليه ، ركب إليه ، وتقاربا من بعضهما بعض ، وباتا على ذلك ، ولم يقدر الإبراهيمى على مواجهة حميضة ، فاقتضى ذلك القبض على الإبراهيمى وعلى رميثة ؛ لأنه نسب إلى مواطأة أخيه حميضة ، وأن الذى يفعله من التشعيث باتفاق رميثة ، وجهزا إلى الديار المصرية ـ انتهى بالمعنى.