محمد بن عطيفة السابق ذكره ، توجه عجلان ، وابناه أحمد وكبيش فى جماعة من ألزام عجلان إلى مصر ، فلما وصلوها قبض على عجلان وابنيه أحمد وكبيش ، واعتقلوا ببرج بقلعة الجبل بمصر ، وأقسم صاحب مصر السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون أن لا يطلقهم ما دام حيا ؛ لأنه كان شديد الحنق على عجلان ، وابنه أحمد ، لأمور منها : أن أحمد بن عجلان صد الضياء الحموى الآتى ذكره عن الخطابة بالمسجد الحرام ، بعد أن برز إلى المسجد فى شعار الخطبة ، فى موسم سنة تسع وخمسين وسبعمائة ، رعاية للقاضى شهاب الدين الطبرى الآتى ذكره.
وكان السلطان قد ولى الخطابة للضياء الحموى ، ثم نقل المذكور من برج القلعة إلى الإسكندرية ، لما سمع السلطان بفتك بنى حسن فى عسكره الذى ندبه إلى مكة فى موسم سنة إحدى وستين وسبعمائة. ولم يزالوا فى الاعتقال حتى قبض على السلطان المشار إليه ، ثم أطلقوا.
وولى عجلان إمرة مكة شريكا لأخيه ثقبة ، وتوجه عجلان وجماعته إلى مكة ، بعد الإعراض عن تجهيز العسكر الذى كان الناصر حسن عزم على إرساله إلى الحجاز لتمهيد أمره والفتك بكل من يوجد فيه من بنى حسن والأعراب. وسبب الإعراض عن ذلك ، زوال ملك الملك الناصر المذكور.
ولما وصل عجلان وجماعته إلى وادى مر ، لقوا به ثقبة عليلا مدنفا ، ثم مات ثقبة بعد أيام قليلة فى أوائل شوال سنة اثنتين وستين وسبعمائة ، فبادر عجلان وجماعته إلى مكة ، وأشرك معه ولده أحمد فى إمرتها ، وأمره بالطواف بالبيت ، وأمر عبد السلام المؤذن أن يدعو له إذا طاف على زمزم وبعد المغرب ، على عادة أمراء مكة فى ذلك ، وجعل له ربع المتحصل لأمير مكة يصرفه فى خاصته ، وعلى عجلان تكفية العسكر.
واستمرا على ذلك مدة ، ثم إن بعض بنى حسن ، حسنوا لأحمد بن عجلان ، أن يسأل أباه فى السماح له بربع آخر من المتحصل ، وحملهم على ذلك الحنق على عجلان ، لزعمهم أنه قصر فى حقهم ، فامتنع عجلان عن موافقة ابنه على ذلك ، وهم بمباينته ، ثم ترك ، لتحققه أن بنى حسن قصدت بذلك تحصيل شىء منه ، ورأى أن إسعاف ابنه بمراده أولى من إسعافهم بقصدهم منه ، فإنه قد لا يفيده ، وصار لأحمد نصف المتحصل ولأبيه مثله ، ولكل منهما نواب تقبض ما يخصه واستمرا على ذلك إلى أن ترك عجلان ما كان له لابنه أحمد.