وحدث ، سمع منه النجم بن عبد الحميد بقراءته ، ومات قبله ، وجماعة ، منهم البرزالى ، ذكره فى معجمه ، وقال : كان فقيها صالحا مباركا أضر مده سنين ، ثم رد عليه بصره وقال : حكى لى شهاب الدين بن قاسم النقيب ـ كان بالشامية الجوانية فى جمادى الآخرة سنة سبع وسبعمائة ـ أن الشيخ صفى الدين أحمد المذكور ، سقط من درج سلم ، فوقعت جبهته فى حجر واستلقى على قفاه مغشيا عليه ، ثم أفاق وهو يبصر ، بعد أن كان مكفوف البصر مدة.
فلما اجتمعت به فى سنة عشر وسبعمائة ـ سألته عن عود بصره ، فقال : سألت الله تعالى فى ذلك ، فرده علىّ ، ولم يذكر السبب المذكور. انتهى.
قلت : لا منافاة بين كلام الصفى هذا ، وبين الحكاية التى حكاها البرزالى ؛ لأنه يجوز أنها وقعت ليشفى بها لسؤاله الله تعالى فى الإبصار.
وقال البرزالى : توفى فى عصر يوم السبت الحادى عشر من شوال سنة أربع عشرة وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة يوم الأحد ، وكانت جنازته حفلة ، وقال : كتب إلينا بذلك عبد الله بن خليل.
وذكر البرزالى أنه وجد بخط عثمان بن الصفى هذا ، أنه ولد فى أواخر سنة ثلاث وثلاثين.
٦٢١ ـ أحمد بن محمد بن أبى بكر بن على بن يوسف الذروى الأصل ، المكى المولد والدار ، المعروف بابن المرشدى المصرى ، يلقب بالشهاب بن الجمال :
ولد بمكة سنة اثنتين وثمانمائة ، وسمع بها معنا كثيرا على شيخنا مسند الحجاز ، القاضى زين الدين أبى بكر بن الحسين المراغى وغيره ، وحفظ المنهاج للنووى وغيره ، وحضر دروس الفقه وغيره ، عند غير واحد من الفضلاء بمكة ، وزار المدينة النبوية ماشيا فى بعض السنين ، وكان ذا خير ودين وعبادة وحياء.
ودخل اليمن غير مرة ، منها فى صحبة والده ، فى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة ، وعاد فى أواخرها إلى مكة ، فأدركه الأجل فى البحر ، على نحو يومين من جدة ، فمات غريقا شهيدا فى نصف ذى القعدة من سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة. وما عرف له خبر بعد الغرق ، وفاز بالشهادة ، رحمهالله تعالى.
__________________
٦٢١ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٢ / ١٠٤).