والمنطق عند الشيخ حسام الدين الأبيوردى بمكة ، وحضر عند الشيخ أبى عبد الله محمد ابن أحمد الوانوغى دروسا كثيرة فى التفسير والأصول والعربية وغير ذلك ، وقرأ عليه فى المنطق.
وله فى العلم والرواية شيوخ غير هؤلاء ، منهم الشيخ بدر الدين حسين بن على الزمزمى ، أخذ عنه الفرائض والحساب والفلك ، وجلس للتدريس بالمسجد الحرام عند الأسطوانة الحمراء ، فى سنة تسع وثمانمائة ، وفيها استنابه والده فى الحكم والخطابة ، ولازم دروس أبيه نحو خمس عشرة سنة.
ونزل له أبوه فى مرض موته عن تدريس المدرسة المجاهدية بمكة ، ومدرسة صاحب بنجالة ، فباشر التدريس بهما قريبا من عشرة أعوام ، وكان معه توقيع بأن يكون نائب أبيه فى الحكم وغيره فى حياته ، ويستقل بذلك بعد وفاته ، فحكم له نائب القاضى الحنبلى بمكة بصحة هذه الولاية المعلقة ، وباشر بها أشياء بعد موت أبيه.
وكان موت أبيه فى رمضان سنة سبع عشرة وثمانمائة ، ثم ترك المباشرة ، لما وصل الخبر إلى مكة بولاية القاضى كمال الدين أبى البركات بن القاضى جمال الدين أبى السعود بن ظهيرة ، لقضاء مكة ، عوض القاضى جمال الدين.
وكان وصول الخبر بذلك عقيب سفر الحاج من مكة فى هذه السنة.
وفى العشر الأخير من ذى القعدة سنة ثمان عشرة ، باشر قضاة مكة لوصول توقيع إليه بذلك ، مؤرخ بشعبان من هذه السنة ، واستمر مباشرا إلى ثامن شوال سنة تسع عشرة.
وكان ورد الخبر بعزله وعود القاضى أبى البركات قبل ذلك بأشهر ، ولم يتحقق ذلك. فلما وصل توقيع القاضى أبى البركات لقضاء مكة فى ثامن شوال ، باشر القاضى أبو البركات إلى أوائل ذى الحجة من هذه السنة.
وفى خامس ذى الحجة منها ، وصل توقيع للقاضى محب الدين بقضاء مكة ، مؤرخ بأوائل ذى القعدة من هذه السنة ، فباشر به أمور القضاء ، ولم يزل متوليا حتى مات.
وكانت فيه نزاهة وديانة وخير ، وقلة شر ، وإنصاف كثير. وله براعة فى الفقه والفرائض والحساب وغير ذلك ، ويلقى دروسا حسنة ويذاكر بأشياء مليحة ، ووردت عليه من الطائف وغيره فتاوى كثيرة ، وأجاب عنها. وله شعر. وكان على طريق والده ،