ينا اشتقت نجي فوق سدتك |
|
نجي شبيهه تا عصفور |
نطفي المصباح بجوانحي |
|
نعطيك بوسه ونرجع نمور |
فقلت له : لو قلت نأخذ بوسه لكان أولى لأنّ من يأخذ هنا خير ممّن يعطي ، فلم يفهم ، واستعادنيها فأعدتها عليه فلم يفطن لها لا هو ولا هم أيضا ، لأن المعاريض والمطارحات عندهم في كساد عظيم ، والمراد بالسدّة عند المالطيين نفس الفراش ، وهو في اللغة باب الدار ، وعندي أنّ قدماء المالطيين كانوا همجا يرقدون على الأبواب فسمّوا كلّ مرقد سدّة ، كما أنّهم سمّوا كلّ مكنسة مسلحة وهي في الأصل آلة للسلح وهكذا كانوا يستعملونها ، ثم أطلقوها على كلّ ما ينظّف به المكان ، ولهذا نظائر كثيرة ، إلا أن أهل طرابلس الغرب يستعملون السدّة أيضا بمعنى الفراش.
وقد ذكرت يوما لأحد من يتوسّم فيه الأدب من أهل مالطة سعة العربية في البديع وخصوصا التورية ، فقال : وكذا هي المالطية. وذكر هذه الجملة وهي عندك تينا تا اللحم ، فقال : تينا هنا يحتمل أن تكون مضارعا من تيته يريد من آتيته أو أعطيته ، وتا اللحم يحتمل أن يكون معناها ما يخصّ اللحم أي ثمنه ، وعندك هنا إغراء ، وعلى المعنى الثاني يحتمل أن تكون لفظة تينا مفرد التين وتا اللحم مضاف إليها أي تينة لحم والمعنى عندك تينة لحم كناية عن الإست ، وإغراؤهم بعند ليس على القياس فإنّهم يدخلونها على الأفعال خاصّة ، ومن تورياتهم أيضا قولهم : علاه من غير ماء يوهمون به من غلاء السعر.
ما بقي في لغتهم من فصيح العربية
وممّا بقي عندهم من فصيح العربية قولهم دار نادية ، وحقّها نديّة ولكنّها أفصح من قول أهل مصر والشام ناطية. وقابلة أي داية ، وخطر ومخاطرة أي رهان ، وغرفة أي علّية ، وقولهم في الدعاء عمروا وتمروا ، وبدا لي أي عنّ لي ، وتطاول ، ويشرف وصديد وبطحاء وتجالدوا وهو أفصح من تعاركوا ، وزفن أي رقص ، وبوقال وهي أفصح