قصب من الحديد يكون مغنيا عن المصابيح والشمع. وفي سنة ١٧٩٨ أتم تجربته هذه وأجراها في بعض المعامل في برمنهام إلا أنه كان يعرض لها بعض الخلل أحيانا. وفي سنة ١٨٠٢ انتبه الناس إلى إحكام ذلك وتعميم منفعته. وبعد هذا التاريخ بسنة واحدة نوّر ملهى ليسيوم في لندرة بنور الغاز ، وفي سنة ١٨٠٤ وما بعدها وسّع مردوك دائرة مشروعه هذا في منشستر. وزعم الفرنسيس أنهم هم مخترعوه ، إلا أن هذا النور لم يعرف عندهم إلا في سنة ١٨٠٤ وكان ذلك في باريس ، وقد عرفت أن مردوك صنعه قبل هذا الوقت بعدة سنين ، ومن سنة ١٨٠٢ إلى سنة ١٨٢٢ اشتهر استعمال الغاز ، وأعجب جميع الناس ، حتى إن رأس المال الذي جمع لتنوير لندرة فقط بلغ أزيد من ٠٠٠. ٠٠٠. ١ ليرة ، وشغلت قصبات الغاز في إيصال النور إلى محال مختلفة مسافة ١٥٠ ميلا ، وبعد ذلك بسنين قليلة اشتهر في سائر مدن المملكة لتنوير الطرق والحوانيت والديار. وهو على بقائه وعدم نقصه خلافا لنور الشمع والزيت أرخص سعرا وأخف كلفة ، فإن رطل الشمع الدون مثلا يساوي ثلاثة أرباع شلين ، ومدّة اتقاده لا تزيد على أربعين ساعة ، وإن غالونا من الزيت يساوي شلينين ، وينير ما تنير ستمائة شمعة في ساعة واحدة ، والشمع العال أغلى من الشحمي بثلاثة أضعاف ، وألف مكعب من الغاز يساوي تسعة شلينات فتحصّل من ذلك أن ما قيمته مائة من الشمع العال يكون خمسة وعشرين من الشحمي ، وما قيمته خمسة من الزيت يكون من الغاز ثلاثة ، وبالجملة فإنه من ألزم الأشياء ولا يعلو عليه نور إلا نور الشمس(٣٥١) ، وإذا أوقدت نورا منه فلا ينطفيء إلا إذا أطفأته ، وذلك بأن تدير لولبه إلى جهة الشمال ، وإذا أردت إيقاده أدرته إلى اليمين ، وأدنيت النار من فوهته فيبقى كذلك إلى ما شاء الله. وكيفية تنوير الطرق في لندرة هو أن يرتقي الرجل في سلم إلى الفانوس ، وفي باريس يجعل الرجل النور في عود طويل ، ثم يدنيه من فوهة الفانوس من دون أن يرتقي إليه ، ولا يخفى أن ذلك أسهل وأسرع.
__________________
(٣٥١) منذ سنة ١٨٨٠ نور كثير من طرق باريس ولندرة وغيرها من طرق مدن أوروبا بالنور الكهربائي.