لعادة الإفرنج في أوربا ، والمتكيّس الغيساني (٦١) منهم هو الذي يزنق سراويله على فخذيه وإليتيه حتى لا يعود يمكنه التقاط شيء من الأرض ، فإذا صعد في درج ونحوه استعمل الحيلة حتى لا تنقدّ من دبر ، وأكثرهم يفخم فخذيه ومؤخره بحشو في السراويل ، ويستر كل عظم ناتئ في بدنه ويبدي ما ينبغي أن يستر فإذا مشى أحدهم على هذه الصفة نظر إلى عطفيه كالزوزك (٦٢) وإلى سراويله وحذائه معجبا بما لديه.
وللنساء زهو وعجب إذا مشين أكثر من زهو الرجال فترى المرأة تخطو كالعروس المزفوفة إلى بعلها وهي ممسكة بطرف الوشاح باليد اليسرى ، وبطرف غطاء رأسها باليمنى ، فتكون على هذه الحالة أشغل من ذات النحيين (٦٣) ، فمتى أوين إلى بيوتهن لبسن أخلق ما عندهن من الثياب وسواء في ذلك الفقراء والأغنياء والرجال والنساء ، وهذا هو أحد الأسباب التي حبّبت إلى المالطيين تجنّب المعاشرة والمخالطة ، وربّما عدّت المرأة التي تبقى في منزلها بلباس حسن من المتبرّجات ، وإذا زرت أحدهم فلا يستحي أن يقول مهلا فإن زوجتي تبدّل ثيابها لتحضر بين يديك ، ومنهم من تبقى في بيتها بغير حذاء ، ثم إذا خرجت في يوم الأحد لبست جوارب من حرير وكفوفا منه وتبهرجت غاية ما يمكن ، فإن المالطيين يتفخّلون في الأعياد كل التفخّل بخلاف الإنكليز هنا فإنهم يبقون على حالة واحدة. وفي الجملة فإنّ هم هؤلاء الناس كلّه مصروف في التفاخر بالرياش وهو شأن حديث النعمة.
ومتى كانت إحدى نساء مالطة حاملا مشت الخيلاء ورفعت بطنها ليراها كل من مرّ بها. ومتى أبصرت ذا شوهة (٦٤) رسمت شكل الصليب على بطنها تعوّذا من سريان الشوهة الى الجنين ، وإذا شمّت في الطريق رائحة طبيخ وتوحّمت عليه بعثت
__________________
(٦١) المتكيّس : المتظرّف ، والغيساني : الجميل. (م).
(٦٢) الزوزك : القصير الدميم الذي يحرك منكبيه في المشي. (م).
(٦٣) النحيين : مثنى نحي وهو زق السمن. وأشغل من ذات النحيين : مثل انظر قصّته في مجمع الأمثال للميداني ١ / ٣٧٦ وما بعدها. (م).
(٦٤) الشوهة : القبح. (م).