من عادات الإنكليز في مالطة
ومن عادة الإنكليز هنا الإكثار من الثياب البيض والإقلال من الجوخ ونحوه ، فإن الغني منهم لا يكون له أكثر من ثلاث حبّات أو أربع ، ولكن قد يكون له ستّون قميصا وعشرون سروالا من الكتّان ، وعشرون ملاءة للفرش ، وقس على ذلك. وقد رأيت كثيرا من الأعيان هنا لهم جبب قد تلبّد على أزياقها الوسخ والعرق لا سيّما أنّ منهم لمن يرخي شعر رأسه حتى يصل إلى قذاله ، فتراه إذا نزع برنيطته تتطاير هبريته (٦٨) على كتفيه ، ومع ذلك فهم يحلقون شواربهم بدعوى النظافة ، ومن الإنكليز من يلبس كلّ يوم قميصا ويحلق في كلّ صباح ، وربّما فعل ذلك في النهار مرّتين وذلك مطرد سواء كانوا في البر أو البحر ، ومنهم من يجعل صدر القميص أو طوقه وأطراف كميه منفصلة عنه ، فيغيّرها في كل يوم ، وممّا يحمد عند الإفرنج استعمال النشا في الثياب البيض حين تغسل فإنها تأتي بها جديدة.
والغسّالات في مالطة لا يغسلن إلا بالماء البارد ؛ فإن وضع اليد في الماء السخن ومقابلة الريح بعده يعقب ضررا. وصابونهم أحسن من صابون فرنسا ، ودونهما صابون الإنكليز. وعندي أن أحسن صابون في بلاد أوروبا هو صابون قسطيلية في إسبانيا ، والظاهر أنه من صنعة العرب فإن أهل تونس لا يزالون يصنعون شيئا منه على لونه وهيئته ولكن شتّان ما بينهما. وأجرة غسل القميص بمالطة صلدي واحد ، وفي باريس ثلاثة ، وفي لندرة أربعة أو خمسة.
عادة المالطيين في الأكل
أمّا عادة المالطيين في الأكل ، فللموسرين الشوربة في الغداء واللحم والخضر والخمر ، وفي العشاء السمك والسلطة. وأفخر شيء عندهم لحم الخنزير إلا أنّهم لا يكثرون منه ومن غيره كما يكثرون من أكل الخبز بخلاف عادة الإنكليز ، أمّا الفقراء
__________________
(٦٨) الهبريّة : قشرة شعر الرأس. (م).