الوعد ، والإخلاف من بعد :
يا لواة الدّين عن ميسرة |
|
والضنينات وما كنّ لئاما |
والظن بسيدي أنه دعا عند شربه من بئر الحرم ، بأن ترفع عنه مؤنة الكرم ، فأجيبت الدعوة كما ورد ، واستقام العمل واطّرد ، فكان اللقاء على مسافة قصيرة ، وملاحظة البر بمقلة غير بصيرة ، والزيارة مزورّة ، وأظنه لاحظ بيت شاعر المعرة :
لو اختصرتم من الإحسان زرتكم والعذب يهجر للإفراط في الخصر
والقرى قد كفي القاضي والحمد لله مؤنته الثقيلة ، ولم يحوج إلى تشويش العقل واستخدام العقيلة ، وهذا القسم غير معدود ولا تقع المشاحّة إلا في مودود. وهمّ بتحفة شعره ثم قال بالبداء وناداه الإنجاز فصمّ عن النداء فاطّرد باب الشحّ حسّا ومعنى ، وموحدا ومثنى حتى كأن دكّالة ، شرّابة لسرو القضاة أكّاله ، وبيدها لتحجير أيديهم وكاله ، وهذه الحركة كانت لمحبة حركة الفتح ، ووجهة المد والمنح ، فلو لم يقع فيها بخله تميمه ، للقعتها (٦٢٤) العين وعسر الهين ، والقاضي أعزه الله كمال ، وعيب الكمال لا ينكر ، والغالب الفضل ، وغير الغالب لا يذكر ، وهو على التافه يشكر. داعبته حفظه الله مداعبة من يعتقد خلاف مقاله ، ويرجج القناطر المقنطرة بمثقاله ، ولا يقول في حال سروه (٦٢٥) بانتقاله ، ومع اليوم غد ، ولكل شىء أمد ، ويرجّى أن يمتع الله منه بوقت يقع فيه استدراك ، ويرتفع باختصاص النزول لديه اشتراك إن شاء الله.
وكان المبيت بحصن أسايس (٦٢٦) من حصون دكّالة شأنه شأن ما قبله بطلل ، دار عادية ملوكية الوضع ، تنسب لأحد أشياخ الوطن ممن غمس يده من الجباية في الدم والفرث تدل على انسحاب دنيا كانت سحابة صيف ،
__________________
(٦٢٤) لقعة العين أي حسدها.
(٦٢٥) السرو : الفضل والسخاء في المروءة.
(٦٢٦) أورد الوزان (Descipcion de Africa p.٣٥١) اسم أسايس Aseis ضمن الحصون الجنوبية لمقاطعة فاس. وأن كان هذا لا يتفق مع خط سير الرحلة.