مسلم ، وفضّ جمعه ومضى منهزما في عصبة من خاصته ومواليه ، فقدم على أخيه سليمان بن علي البصرة ، فاشتمل سليمان عليه وعلى أصحابه ، فلم يزل عنده إلى أن أخذ له أمان أبي جعفر ، فقدم عليه ، ولم يصل إليه ، وأمر بحبسه فحبسه ، فأقام في حبسه تسع سنين ، ثم سقط عليه البيت ، فمات في محبسه سنة ثمان وأربعين ومائة ، وله خمس وأربعون سنة ، وأمّه أم ولد ، بربرية ، يقال لها : هبارة (١).
قرأت في كتاب أبي الحسين الرازي ، أخبرني أحمد بن عمر بن يوسف ، نا أبو عبد الله معاوية بن صالح ، حدّثني زيد بن علي العلوي ، قال :
لما ورد على المنصور خبر وفاة أبي العبّاس وهو يومئذ بطريق مكة منصرفا من الحجّ ، فقال لجعفر بن حنظلة البهراني وكان من ذوي الرأي من أهل خراسان ما أحسب عبد الله بن علي يدعه عجبه حتى يخرج عليّ فما تظن أن فعل ، فقال : يا أمير المؤمنين إن فعل واحدة غلبك (٢) على الأمر ، قال : وما هي؟ قال : سرّ من الشّلّم (٣) يفرضك فطريقك هذا يتحول بينك وبين دار الخلافة ، والأموال والجنود ثم يقاتلك وأنت في قل أهل الحجاز ، قال : قال : فإن أخطأ هذه؟ قال : يسير من الشام فيستقبل من المدينة الأنبار ، ثم إلى الكوفة ، ثم يغلبك (٤) على الخزائن وبيت الأموال ويأخذ بيعة من هناك ، ثم يقيم ويوجه إليك من يقاتلك قال : فإن أخطأ هذه ولزم معاوية من الشام وقاتلنا من هناك ، قال : فإن فعل هذا فتستأثر به أو قتلته.
قال : وحدّثني أبو الحسين محمّد بن أحمد بن غزوان الدمشقي نا (٥) كان أحمد بن المعلّى ، نا نوح بن عمرو السكسكي ، عن النضر [بن] يحيى بن معروف الكلبي ، قال :
كان أبو العبّاس السّفّاح ملحا في قتل بني أمية وأشياعهم ، ولم يزل على ذلك حتى أتاه الموت ، وكانت وفاته بالأنبار وكان أبو جعفر ذلك العام على الموسم ، وكان معه أبو مسلم حاجا قال : فلما هلك أبو العبّاس ادعى عبد الله بن علي أن يكون (٦) أبو العبّاس كان قد جعل العهد له حين توجّه إلى مروان ، وكان أبو العباس عهد لأبي جعفر فبايع أهل
__________________
(١) كذا ورد هنا ، ومرّ : «هنادة» وفي نسب قريش للمصعب : أمه امرأة من بني الحريش.
(٢) الأصل : عليك.
(٣) كذا بالأصل؟ ولعله يريد بيت المقدس أو قرية من قراها؟.
انظر معجم البلدان (شلم). وسيرد في السطر التالي : من الشام؟.
(٤) الأصل : عليك.
(٥) بالأصل : كان.
(٦) كذا.