وإذا طلع الصباح فلا حاجة إلى المصباح قال بعضهم إذا رأيت المبتلي من أهل البيت ورأيت في نفسك الرحمة له والرأفة به وعزمت على مساعدته على الزمان من غير استنكاف أحواله الغير المحتملة فذلك دليل المحبة وأما مراعاة الشريف إذا كانت له حاجة تقضيها وملاحة ترتضيها فالحكم يومئذ بدور العلة.
وكل يرى طرق الضلالة والهدى |
|
ولكن طبع النفس للنفس قائدا |
ومن محاسن المدينة تعدد [الحكام](١) بها وفيه لطف إلهي بالرعية وذلك لأنه إذا حدث بها أمر لا يقوم له ساق إلا باتفاق آرائهم وفيه سر الإجماع البعيد من الخطا في طريق الاجتهاد.
وما أوقع ما [قال](٢) «تخالفت الأهواء (٣) والحق واحد» «وكل إلى رأي من القول راجع وهذا اختلاف جر للناس راحة» كما اختلفت في الراحتين الأصابع ومن محاسنها بل من محاسن الدهر التفرقة السلطانية وهي الحنطة (٤) الواصلة من أوقاف مصر المحروسة فإنها تجمع في الوكالة السلطانية وتجتمع لها الكتبة مع القاضي وشيخ الحرم النبوي وتفرق على أكثر أهل المدينة والمجاورين وغيرهم بمقتضى [الدفاتر](٥) وكانت تفرق قبل هذه السنين على رأس كل شهر لكل شخص حصة ومقدارها ثلاثة أمداد مدنية وهي مقدار القوت الكافي للإنسان في الشهر ثم آل الأمر إلى أن صار يكتب للرجل الواحد المنفرد نحو الستين حصة بالوجاهة وغيرها ومن ولد له من ضعفاء المدينة لا سبيل إلى كتابة اسمه ولا إلى اثبات رسمه وبموجب هذه الحركة تغيرت هاتيك البركة ، وكان يقال :
فلا تطلبن من عند يوم وليلة |
|
خلاف الذي مرت به السنوات |
وها نحن نطلب ما مرت به تلك السنون ، فتجده منظومّا في سلك ما لا يكون وكانت جملة الأسماء أولا تناهز ستة آلاف فتجاوزت وإن خلا أكثرها عن المسميات عشرين ألفّا ، والله يضاعف لمن يشاء وساعد [ذلك](٦) عدم الوصول الحبوب من مصر المحروسة بحيث كانت التفرقة في جميع سنة سبع وأربعين وألف نصف حصة وانقطع الخير.
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) غير مقروء من أ.
(٣) في ب [الآراء].
(٤) ثبت في أ [الحنطة السلطانية] والصواب حذف السلطانية.
(٥) في ب [تطاترت].
(٦) سقط من ب.