كأن بها للنرجس الغض أعيننا |
|
ننبه منها البعض والبعض نائم |
كأن ظلال القصب فوق غديرها |
|
إذا أطربت (١) تحت الرياح أراقم |
كأن غناء (٢) الورق الحان معبد |
|
إذا رقصت تلك القدود النواعم |
كأن نثار (٣) الشمس تحت غصونها |
|
دنانير في وقت ووقت دراهم |
كأن بها الغدران تحت جداول |
|
منوع دروع أقرعت (٤) وصوارم |
كأن ثمارا في غصون نوسوست |
|
لعارض خفاق النسيم تمائم |
كأن القطوف الدانيات مواهب |
|
وفي كل غصن ماس في الدوح حائم |
كأن بنان المصطفى قد لمسنه |
|
فاعداه منهن الندى والمكارم |
نبي انى غيثا وغوثا ورحمة |
|
عليه صلاة الله ما أفتر باسم |
أما بئرها فقد اشتملت على بناء بديع محكم حتى كأن أحجارها فيها عقد منظم يعجز أبناء الصناعة عن تصور شكلها فضلا عن الاتيان بمثلها يغض لها حسن مائها الغزير العذب بأن تكون من أحلى ما يشتهي القلب ويشهد لها بالشراحة ما اشتملت عليه من الملاحة وما تناهيت في وصفي محاسنها ألا وأكثر مما قلت ما أدع.
ولقد أحسن التحليل من قال :
الماء قد عشق الغصون (٥) فلم يزل |
|
أبدّا بمثل شخصها في قلبه |
حتى إذا فطن النسيم إني له |
|
من غيرة فأزالها عن قربه |
فإذا أتاه مهيمنّا بعتابه |
|
في الحال قطب وجهه من عتبه |
وأما بساتينها في حسن تركيبها وترنم عندليبها فهي للأحزان تنفيس وللأشجان مغناطيس ان جرت محالها بالماء أجرت الدمع كالدماء وإن أسمعت غناءها جددت للنفس عنائها فهي منبع الشجو والغرام ومجمع اللهو والمرام.
أبدا هكذا تأن بشجو |
|
وعلى إلفها تدور وتبكي |
أو هي كما قال :
وسانية كانت غصونّا وريقة |
|
تميس فلما فرقتها يد الدهر |
غدت في رياض الجزع تبكي وتشتكي |
|
بدمع (٦) على أيام عهد الصبا يجري |
وما أحسن ما قال :
__________________
(١) في ب [إذا ما اظهرت].
(٢) في ب [خفاء].
(٣) في ب [نشار].
(٤) في أ [أفرغت].
(٥) في ب [الغيون].
(٦) في ب [بديع].