ومن محاسنها : قلة المظالم بها [وشذور](١) التظاهر فيها بالمنكرات بالنسبة إلى غيرها من بلاد الإسلام.
[وما أصدق القائل](٢) :
[قل](٣) لمن أبصر حالا منكرة |
|
ورأى من دهره ما حيره |
ليس بالمنكر ما أبصرنه |
|
إن من عاش يرى ما لم يره |
وقال آخر :
قل لمن شاهد أمرّا أقلقه |
|
ورأى ما يستحيل الفسقة |
سترى هذا الذي تنكره |
|
مستحبّا بعد تلك الطبقة |
[ومن محاسنها](٤) حديث «المدينة كالكير (٥) تنفي [خبثها](٦)(٧)(٨)(٩)».
__________________
(١) في ب [وسدود].
(٢) في أ [وما أصدق ما قال].
(٣) في أ [من].
(٤) في ب [ومنها].
(٥) بكسر الكاف وسكون التحتانية ، وفيه لغة أخرى كور بضم الكاف ، والمشهور بين الناس أنه الزق الذي ينفخ فيه لكن أكثر أهل اللغة على أن المراد بالكير حانوت الحداد والصائغ. قال ابن التين : الكير هو الزق والحانوت هو الكور. وقال صاحب المحكم : الكير الزق الذي ينفخ فيه الحداد. قال الحافظ : ويؤيد الأول ما رواه عمرو بن شبة في أخبار المدينة [قيد الطبع بتحقيقنا محمد فارس] بإسناد إلى أبي مردود قال : رأى عمر بن الخطاب كير حداد في السوق فضربه برجله حتى هدمه.
انظر / فتح الباري (٤ / ١٠٥).
(٦) الخبث : بفتح المعجمة والموحدة بعدها مثلثة أي وسخه الذي تخرجه النار ، والمراد أنها لا تترك فيها من في قلبه دغل ، بل تميزه عن القلوب الصادقة وتخرجه كما يميز الحداد رديء الحديد من جيده.
ونسبة التمييز للكير لكونه السبب الأكبر في اشتعال النار التي يقع التمييز بها. انظر فتح الباري (٤ / ١٠٥).
(٧) استدل بهذا الحديث على أن المدينة أفضل البلاد. قال المهلب لأن المدينة هي التي أدخلت مكة وغيرها من القرى في الإسلام فصار الجميع في صحائف أهلها ، ولأنها تنفي الخبث. قال الحافظ ابن حجر : وأجيب عن الأول بأن أهل المدينة الذين فتحوا مكة معظمهم من أهل مكة فالفضل ثابت للفريقين ولا يلزم من ذلك تفضيل إحدى البقعتين. وعن الثاني : بأن ذلك إنما هو في خاص من الناس ومن الزمان بدليل قوله تعالى : (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ») ، والمنافق خبيث بلا شك ، وقد خرج من المدينة بعد النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ معاذ وأبو عبيدة وابن مسعود وطائفة ثم علي وطلحة والزبير وعمار وآخرون وهم من أطيب الخلق ، فدل على أن المراد بالحديث تخصيص ناس دون ناس ووقت دون وقت. قال ابن حزم : لو فتحت بلد من بلد فثبت بذلك الفضل للأولى للذم أن تكون البصرة أفضل من خراسان وسجستان وغيرهما مما فتح من جهة البصرة وليس كذلك. انظر / فتح الباري (٤ / ١٠٥ ـ ١٠٦).
(٨) سقط من ب.
(٩) متفق عليه : أخرجه البخاري في فضائل ـ