وفي وسعنا القول ، إنّ «تاريخ واسط» ، الى فائدته التاريخية ، يضيف الى كتب الحديث ورجاله مرجعا جديدا ذا أهمية بالغة.
ولا نعدم أن نجد بين المؤلفين القدامى للتصانيف التاريخية ، من جرى في وضع كتابه على غرار ما صنعه مؤلف هذا الكتاب :
فكتاب «تاريخ الرّقّة» للقشيري ، و «تاريخ داريّا» للخولاني ، و «فضائل الشام ودمشق» للربعي ، و «تاريخ بغداد مدينة السلام» ، للخطيب البغدادي ، و «تاريخ مدينة دمشق» لابن عساكر ، قريبة الشبه بما رمى اليه مؤلف تاريخ واسط من كتابه ، على بعد الشقّة بينهم في الزمن ، وتفاوت الغرض.
وعلى هذا ، فانّ أول من بدأ التأليف في تواريخ البلدان ، المحدّثون ، إذ كان ذلك حاجة من حاجات علمهم (١).
وقد يصحّ القول ، انّ التواريخ المحلية ، أعني التواريخ التي أفردت للمدن ، جرى مؤلفوها على نمط واحد خاص بها. فهي تتكون من «مقدمة طبغرافية ، يتلوها تعداد للشخصيات التي ولدت ، أو عاشت ، أو كان لها اتصال ما بذلك المكان. وكانت هذه الشخصيات في البداية مقتصرة على علماء الدين .. وهذا النوع من التاريخ المحلّي ، نشأ عن الحاجة الى زيادة الحيطة من اختلاف الأحاديث المكذوبة ، بتقرير مواطن الرواة. وأقدم ما وصلنا من هذا النوع ، هو تاريخ واسط الذي ألّفه بحشل في أواخر القرن التاسع للميلاد» (٢).
وأول جيل تناولهم بحشل في تاريخه ، هم من جاء واسطا من صحابة الرسول ، ممّن خدمه ورآه ونقل حديثه وسمع كلامه (٣).
__________________
(٥) تاريخ داريّا للخولاني. (ص ٣ من مقدمة الناشر).
(٦) علم التاريخ عند المسلمين. (ص ٢٢٨ ـ ٢٢٩).
(٧) انظر متن الكتاب (ص ٤٢ من هذه الطبعة).