يحبهما إلا مؤمن تقي ولا يبغضهما إلا منافق رديء ، صحبا رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الصدق والوفاء ، يأمران وينهيان ويقضيان فما يخالفان فيما يصنعان رأي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يرى مثل رأيهما رأيا ولا يحبّ كحبّهما احدا. فمضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو عليهما راض. أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ابا بكر رضياللهعنه فصلى بالناس تسعة أيام في حياة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما قبض الله تعالى نبيّه عليهالسلام ، ولاه المؤمنون (١) ذلك وفوّضوا اليه الزكاة لانهما مقترنان في كتاب الله تعالى انا أول من سنّ ذلك من بني عبد المطّلب ، وهو لذلك كاره يودّ لو أنّ أحدا منّا كفاه ذلك. فكان والله خير من بقي وأرأفه رأفة وأرحمه رحمة وأثبته ورعا واقدمه سنّا واسلاما ، شبّهه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بميكائيل عليهالسلام رأفة ورحمة وبابراهيم عليهالسلام عفوا ووقارا. فسار بسيرة رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى مضى لسبيله. وولي الأمر عمر رضياللهعنه بعده ، فأقام على منهاج رسول الله صلىاللهعليهوسلم [١٥٢] وصاحبه ، يتّبع آثارهما كاتّباع الفصيل (٢) أثر أمّه. وكان الله شفيقا بالضعفاء والمساكين وللمؤمنين عونا وناصرا للمظلوم على الظالم ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، ضرب الله تعالى بالحقّ على لسانه ، وجعل الصدق من شأنه ، حتى كنّا نظنّ ان ملكا ينطق على لسانه ، أعز الله باسلامه الاسلام ، وجعل هجرته للدين قواما ، ألقى الله تعالى له في قلوب المؤمنين المحبة وفي قلوب المنافقين الرهبة ، شبّهه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بجبريل عليهالسلام ، فظّا غليظا ، وبنوح عليهالسلام حنقا مغتاظا. الصبر في طاعة الله أقر لعينه. فمن لكما بمثلهما رحمة الله عليهما ورزقنا المضي على مثل سبيلهما ، فانه لا يبلغ مبلغهما إلا باتّباع آثارهما والحبّ لهما ، فمن أحبّهما فقد أحبّني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني وأنا منه بريء. ولو كنت تقدمت اليكم في أمرهما ، لعاقبت على هذا أشدّ العقوبة. ولكن لا ينبغي قبل التقدم. ألا ومن أوتيت به بعد اليوم يقول هذا ، فعليه ما على
__________________
(٤٧) الأصل : المؤمنين. والوجه ما أثبتناه أعلاه.
(٤٨) الفصيل : ولد الناقة أو البقرة بعد فطامه وفصله عن امه.