عن أبي العطّار ، قال : كانت دجلة قد انصرفت عن مجراها الاول الى مجراها هذا. وكان يقال للفرس إن سلطانكم لا يذهب حتى تنصرف دجلة عن مجراها. فلما قدم أبو موسى الأشعري للبصرة (١) ، ذكر له أمر دجلة. فانصرف ، فصار الى واسط القصب (٢) ليردّ دجلة [٥] الى مجراها الاول. فأمر بعمل القناطر. فرأى النفقة كثيرة فانصرف وتركها. فلما ولي الحجاج مرّ بها ، فذكر له أمرها. فصار الى فم الصّلح (٣) فجعل ينظر ويقدّر ، فقال له دهقان (٤) كبير السن قد أدرك سلطان الفرس : كنت مع أبي وكان مع كسرى. فوقف في هذا الموضع ليصرف دجلة الى مجراها الأول. فقال له أبي : إنا نجدها في الكتاب تلعب بملك ينفق عليها. ثم لا ترجع الى موضعها الاول. فتركها وانصرف.
وقال أبو الحسن : بلغني ان موضع دجلة الأول ، في الموضع الذي يقال له دجلة العوراء تأخذ من نحو المبارك (٥). فبلغني انها انفجرت في هذا الموضع ليلة ولد النبيصلىاللهعليهوسلم.
حدّثنا أسلم ، قال : ثنا محمد بن أحمد بن سليمان بن منصور بن أبي شيخ عن جدّه سليمان بن أبي شيخ عن صالح بن سليمان عن أبي حكيم بنحو هذه القصة.
__________________
(٨) هو عبد الله بن قيس ، المعروف بأبي موسى الأشعري. ولّاه عمر بن الخطاب على البصرة سنة ١٧ ه. مات سنة ٤٤ ه.
(٩) قال ياقوت (معجم البلدان ٤ : ٨٩١): «واسط ، أيضا ، قرية كانت قبل واسط في موضعها. خرّ بها الحجاج ، وكانت واسط هذه تسمى واسط القصب. قال ابن الكلبي : كان بالقرب من واسط ، موضع يسمى واسط القصب هي التي بناها الحجاج أولا قبل أن يبني واسط هذه التي تدعى اليوم واسطا. ثم بنى هذه ، فسماها واسطا بها».
(١٠) نهر كبير فوق واسط ، بينها وبين جبّل ، عليه عدة قرى. وفيه كانت دار الحسن بن سهل وزير المأمون ، وفيه بنى المأمون ببوران. (معجم البلدان ٣ : ٩١٧).
(١١) الدهقان : لفظ فارسي الأصل ، معناه : زعيم أو رئيس القرية.
(١٢) المبارك : نهر وقرية فوق واسط ، بينهما ثلاثة فراسخ. (معجم البلدان ٤ : ٤٠٩).