وإنه لعار أكبر أن يقبلوها. ومن الجدير بالملاحظة أن المبلغ كان وهم يحتجون قد أصبح في جيوبهم ، ولم يخرجوه منها. لقد كان أكثر أفراد العصابة إثارة راهب يدعى جوزيف ، وكان وجهه مميزا لأنه لم يكن له أنف أبدا ، وكان يتحدث الإيطالية بإتقان تام ؛ كان يقول : أي طريقة في التعامل هذه! وكان يردد ذلك عشر مرات في الدقيقة ، وهو يرتجف كأن به مسا ، وقد كان يمكن له بطيبة خاطر أن يتفوه بكلام جارح لو كانت لديه الجرأة لفعل ذلك. أما الأخ بيير المسكين فقد كان يقوم عبثا بدور المصلح ، وكان كبير الرهبان ، وهو رجل محترم له لحية بيضاء ، يشرف على هذا النقاش البشع ، مظهرا أن في ذلك إهانة شخصية له نفسه. واستمرت العاصفة وقتا طويلا ، ولكنها كانت جعجعة بلا طحن : لم نزد على المبلغ ولا بارة واحدة. كان ضميرنا مرتاحا لأننا / ٨٣ / قمنا بالواجب على أكمل وجه ، بل وسّعنا في ذلك عليهم : لقد صرفنا في الدير بعد كل حساب مبلغ خمس مئة قرش ، وكان ذلك بالتأكيد ثمنا مرتفعا لضيافة دامت أربعين ساعة ، ويا لتلك الضيافة!
كان السقوط ذريعا من قمة جبل سيناء إلى مثل هذه التفاهات ، وأعتذر للقارئ عن ذلك. ولكن إذا كانت الحياة رحلة كما نردد دائما ، فإن باستطاعتنا أن نعكس الآية فنقول إن الرحلة كالحياة مملوءة بالمشاعر المختلفة ، وبالحوادث من كل الأنواع ، وفيها من الحوادث البسيطة والعارضة أكثر مما فيها من الأحداث الكبرى. ناهيك عن أن هذه النزاعات الصغيرة ، مهما كانت سوقية ، فإن ذلك يجعلها تحمل في جوانبها درسا يتمثل فيما ظهر من جشع الرهبان اليونانيين. لقد وجدتهم في كل مكان