جعلت الحكومة المصرية تحجز كل جمال المنطقة : صحيح أنهم كانوا يدفعون لأصحابها / ٨٦ / أجرة جيدة ؛ ولكن ثقل الأحمال ، والمعاملة السيئة التي تلقاها تلك الجمال من الجنود ، جعل عددا كبيرا من هذه الحيوانات التي تغذى تغذية سيئة ، وتكاد تكون من قبل منهكة بسبب الضائقة العامة ، جعلها ، تموت من التعب ، وجعل طرق الصحراء مليئة ببقايا جثثها. لذلك لا يلتزم البدو ، إلّا بعد تردد ، بأوامر الباشا ، ويراوغون للتخلص منها كلما استطاعوا فعل ذلك ، دون أن يعرضوا أنفسهم للخطر ؛ لأن بدو سيناء مفسدون تماما ومهجنون تماما : لقد أصبحوا فقراء ، لا يملكون إلا ماشية قليلة ، وليس لهم من مورد في الأوقات العادية إلّا أن يذهبوا إلى القاهرة لبيع ملح المناجم والفحم. وتتحاشى السلطات استخدام العنف الشديد في معاملتهم ، وذلك لسببين ، أولهما : أن سياسة عباس باشا حينئذ كانت تقوم على استثناء البدو كلهم من هذه الإجراءات ، مخافة أن يؤدي التشديد عليهم إلى إثارتهم. وثانيهما : أنهم إذا هربوا إلى قلب الصحراء فليس هناك من سيذهب للبحث عنهم ، وكلما كثر البدو كثرت الجمال. تلك كانت حالة البلد ، واعتمادا على أوامر المصادرة التي أصدرتها حكومته نظّم البنباشي أمر مصادرة جمالنا زاعما أنها تابعة للمعسكر ، وأنه اعتمادا على ذلك لا يحق لبدو الطور أن يؤجرها. وقد أجبناه عن ذلك بالقول : إن كوننا غير مصريين ، وغير بدو / ٨٧ / يجعل أوامر الباشا لا تخصنا أبدا ، وإن جمالنا لنا حتى الطور لأننا استأجرناها ، ودفعنا أجرتها ؛ وإننا نمنعه من أن يمسها ، ونلقي على عاتقه مسؤولية تعويض الأضرار التي تلحق بنا ، ولن نتوانى عن طلبها من الحكومة المصرية عن طريق قنصلينا عن كل ساعة تأخير يسببها لنا ، ناهيك عن