ينبع مدينة ذات أهمية ضئيلة ، سيئة العمارة ، تكاد تكون مقفرة ، ومشبعة بتلك الرائحة المقززة الخاصة بالمدن العربية ، والتي وجدتها نفسها في المغرب وفي طرابلس الغرب وفي مصر وسورية. وينبع محاطة بسور مهدم في كثير من المواضع ، يوشك أن يسقط في كل أجزائه ، ومحصن بأبراج هي في حالة تشبه حالة السور سوءا. ويقسم خور الخليج المدينة إلى قسمين غير متساوين ، ويشكل أصغر القسمين ما يشبه الربض (الضاحية) تسمى القعد ويسكنها البحارة (١). وإن سوق ينبع كثير السلع ، ويباع فيها التمر ذو النوعية الجيدة ؛ وإن تمور المدينة مشتهرة بأنها أفضل تمور العالم. والتمر هو الغذاء المفضل لدى البدو ، وهم يطعمونه / ١٠٩ / أحصنتهم أيضا. لقد باركه النبي (٢) صلىاللهعليهوسلم ، ويتكرر ذكره في آلاف المواضع في كتب الشرق المقدسة أو غيرها. ويؤدي دورا رئيسيا في الروايات الشفوية في الصحراء.
لقد قمت بجولة طويلة عبر شوارعها ، ولكنني لم أستفد من ذلك شيئا ذا بال.
رأيت عددا من البيوت الخربة التي لا يكلف الناس أنفسهم ، كما هي العادة في البلاد الإسلامية ، عناء إصلاحها أو إزالة أنقاضها التي تضفي على تلك المدن المهدمة هيئة كئيبة.
__________________
(١) أما القسم الكبير فيسمّى : ينبع. انظر : رحلات بوركهارت ... ، موثق سابقا ، ص ٣٨٣.
(٢) ما ورد عن النبي صلىاللهعليهوسلم في هذا الشأن هو حديث عائشة رضياللهعنها من قولها : إن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : " لا يجوع أهل بيت عندهم التمر" ، وحديث آخر : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : " يا عائشة! بيت لا تمر فيه ، جياع أهله ، يا عائشة! بيت لا تمر فيه ، جياع أهله ـ أو جاع أهله ـ " قالها مرتين أو ثلاثا ، انظر : صحيح مسلم ، ج ٣ ، كتاب الأشربة ، حديث رقم ١٥٢ ، وحديث رقم ١٥٣.