نقابلهن من عامة الشعب في الشارع منقبات ، ويختفين تماما في ثوب قبيح من القطن الأزرق. أما الأخريات فيرتدين سراويل زرقاء فضفاضة ، مزركشة بالفضة ، ويلبسن أثوابا مزركشة ، مصنوعة من حرير الهند. عندما يخرجن ، وهذا نادر الحدوث ، فإنهن يغطين وجوههن بخمار أبيض أو أزرق فاتح يسمى : البرقع. ويلتحفن ثوبا فضفاضا مصنوعا من نسيج حريري صقيل (تفتةTaffetas) أسود ، وهو يشبه الحبرةhabra عند المصريين ، وهن مولعات بالمجوهرات ، شأنهن شأن كل النساء في الشرق والغرب ، وهن يلبسن خواتم كثيرة ، وعقودا وأساور ، كلها من الذهب ، ويضعن في أقدامهن خلاخل من فضة. تلك هي الثياب التي يلبسنها في الحفلات. أمّا في بيوتهن فقد أخبرت أنهن يتخفّفن من الثياب / ١٢٩ / حتى يمكننا القول دون أن نتجنى عليهن : إنهن شبه عاريات ، وخصوصا الجواري. وليس بالنادر أن نلمح في الأحياء التي تقل فيها الحركة عبر نوافذ لم يحكم إغلاقها ، سهوا أو عمدا ، النصف الأعلى للمرأة مكشوفا تماما.
لم أتحدث حتى هنا إلّا عن فضائل جدة ، وإليكم الآن مساوئها : فالماء العذب نادر فيها ، وهواؤها سيئ في فصل الصيف ؛ حار ورطب في الوقت نفسه ، ترتخي له الأعصاب ، ويوهن الجسد ، وخصوصا هواء الجنوب ؛ وإن كثيرا من الأجانب ، والسكان الأصليين لا يستطيعون اعتياده. فالزحار ، والحمى المقلعة ، والعفنية تكاد تكون مستوطنة على هذا الشاطئ الذي تنتشر فيه الأوبئة أكثر من أي شاطئ آخر في الجزيرة العربية.