البحر الذي كان في ذلك اليوم هادئا وشاحبا كأنه بقعة زيت. كان قائد السفينة المحبب يود بإلحاح / ١٤٤ / أن يأخذني إلى جزيرة بوربون (١) Bourbon. وكان الأمر مغريا جدا بالنسبة إلى رحالة ، ولو أنني استجبت لذلك الإغراء لما كنت مضيت بعيدا ، لأن سوء حظ الحراقة لوكيمان جعلها تغرق على سواحل زيلع (٢) Zyla.
إن لقوتين أوروبيتين هما فرنسا وبريطانيا وحدهما قنصلين في جدة. القنصل الفرنسي هو روشيه ديريكور (٣) Rochet D\'Hricourt ، كان حينئذ على حافة الموت ، وقد مات منذ ذلك الحين ، وستتاح لي في الصفحات القادمة فرصة الحديث عنه. أما القنصل أو نائب القنصل البريطاني فهو كول M.Cole ، وهو في الوقت نفسه ، شأنه
__________________
(١) جزيرة بوربون أو جزيرة الرينيون ، جزيرة فرنسية في المحيط الهندي ، تقع شرق مدغشقر بحوالي ٧٠٠ كم.
(٢) قبالة ساحل إفريقيا الشرقي على البحر الأحمر.
(٣) Rouchet D\'Hricourt ـ روشيه ديريكور جاء في : اكتشاف ... ، موثق سابقا ، ص ٣٣٨ : " ... وقام فرنسي آخر يدعى روشيه دي هيريكور (ديريكور) برحلة على نفقته الخاصة لارتياد مملكة خوا في القسم الجنوبي من بلاد الحبشة. ولدى عودته ، قدرت الجمعية العلمية الفرنسية أنه بإمكانه القيام بعمل مثمر ، فيما إذا امتلك أدوات علمية ، فقدمت إليه أجهزة دقيقة ، وعلمته استعمالها ، وأرسلته في رحلة ثانية سنة ١٨٤٢ م فعاد منها بعدد وافر من المعلومات في مختلف نواحي المعرفة تتعلق ببلاد الحبشة بنوع خاص. ومع هذا ، لا تخلو رحلته ، ومروره بالقصير ، وجدة ، والحديدة ، والمخا من المعلومات الشائقة ، إذ كان قد طرأ تبدل عظيم في شؤون البحر الأحمر ما بين سنتي ١٨٣٩ ـ ١٨٤٢ م وذلك بتأثير الظروف السياسية الدولية". وانظر ص ٣٤٠ ـ ٣٤١ من كتاب : اكتشاف ... ، موثق سابقا. وسيتحدث ديدييه بالتفصيل عن روشيه ديريكور في الفصل الثالث عشر المعنون ب" مغادرة جدة" ص ٣٠٦ ـ ٣٠٩ من الأصل الفرنسي ، وذكر أنه توفي في ٩ مارس (آذار) ١٨٥٤ م.