ويكاد ذلك الهندي يكون أسود اللون ، ممشوق القامة ، وقد وهب هيئة في غاية الظرافة ، تبدو عليها قسمات اللطف والنباهة. وكان له ولد في غاية الملاحة ، اسمه عبد القادر ، لون بشرته يساوي في السواد لون بشرة والده ، وكان يقف أمام والده وقفة احترام ، ولا يجرؤ على الجلوس دون إذنه. وكان يلبس كلاهما / ١٦٢ / عباءة من الموسلين الأبيض ، وثوبا طويلا من حرير بلادهم. وقدما لي في شركتهم الكسكري وهو قهوة تصنع من قشور الحبّ ، مضافا إليها نكهة القرفة وكبش القرنفل ، وإن ذلك عادة يمنية ، وهو شراب في غاية السوء. لم أستطع أن أشرب كل ما قدم لي ، ولم أستطع أيضا تدخين تنباك الشيشه التي قدمت لي ، لأنه كان ثقيلا جدا ، ويحرق الحلق. وإن مما يجدر ذكره أن الهنود متمسكون جدا بالمراسم الرسمية.
لا بد لي ، وأنا أضع اللمسات الأخيرة على هذه اللوحة الإنسانية التي طالت ، أن أشير للذكرى فقط إلى قبطان المرفأ الذي لم يكن لي معه إلا علاقات سطحية ، وإلى رئيس الشرطة ، عبد الله أغا الذي لم أرد أن تكون لي معه أية علاقة ، على الرغم من المبادرات التي خصني بها ؛ وأخيرا عطا بيك ، وهو طبيب عسكري شاب من إستانبول ، كان يتحدث الفرنسية جيدا ، ومسلما صالحا وكان يتركني فجأة عندما يسمع صوت المؤذن ، حتى لو كنا في سياق حديث ، ليتوضأ ويصلي في غرفة مجاورة.
إن الشخصيات المتنوعة التي سلطت الضوء عليها هي جميعا من الأتراك والهنود واليونانيين ، وكلهم غرباء عن البلد ، في حين أنني جئت للقاء العرب في الجزيرة العربية. ولم أعرف من العرب معرفة قوية إلّا شخصا واحدا في جدة ، ولكنه عربي