عسكرية مؤلفة في معظمها من العبيد السود المدججين بالسلاح ، يدعمهم البدو المخلصون لأسرتهم. لقد قضى سرور على دابر الفساد المستشري ، الذي يخالف العدالة ، ويعارض المساواة. ووقف الأشراف في وجهه بالقوة ، ولكنهم هزموا هذه المرة : فقتل أشراف كثيرون في الحرب ، بينما تم إعدام آخرين ، وجلا الآخرون ، وحل النظام والسكينة في المدينة ، بعد خروجهم منها. لقد نجح سرور في مشروعه الصعب بفضل حيوية طبعه ، ومساعدة سواد الناس من أهل مكة الذين كانوا إبّان فترة طويلة مضطهدين بنظام الأشراف الإقطاعي الذي لا يقف عند حد (١).
لقد ظل سرور حتى نهاية حياته ، يتمتع بشعبية يستحقها ، بفضل ما كان يتمتع به من مزايا انفرد بها : كان في غاية الاعتدال ، وكان يعيش ببساطة شأنه شأن أي إنسان عادي. كان من الشجعان المجربين ، وكان كريما يعطي بلا حدود ، وكان يعدل بين الناس دون / ١٧٣ / تمييز ، وبحكمة صارت مضرب الأمثال. ومع أنه كان قاسيا في أفعاله خلال فترة حكمه ، فإنه كان كريما حتى مع أعدائه الشخصيين : يقال إنه اكتشف مرة مؤامرة لاغتياله في أثناء طوافه الليلي في شوارع مكة المكرمة ؛ فاكتفى بنفي المتآمرين. لقد نظّم النواحي المالية ، وألغى كل الضرائب العشوائية. وكان يموّل من حسابه الخاص حامية كثيرة العدد مؤلفة من البدو والعبيد الأفارقة أو الأحباش
__________________
(١). انظر : رحلات بوركهارت ... ، موثق سابقا ، ص ٢٠٤ ـ ٢٠٥. وقد حكم الشريف سرور من (١٧٧٣ ـ ١٧٨٨ م / ١١٨٦ ـ ١٢٠٢ ه). أما غالب فحكم من (١٧٨٨ ـ ١٨١٣ م / ١٢٠٢ ـ ١٢٢٨ ه). انظر صفحات من تاريخ مكة المكرمة ، موثق سابقا ، ج ١ ، ص ٢٥١.