لقد زجّ غالب نفسه في حرب الوهابيين ؛ وانضوى تحت لوائه في بعض الأحيان ما يقارب عشرة آلاف رجل ؛ وهي قوة ضخمة بالنسبة إلى البلد. كان جنود المشاة مسلحين ببنادق الفتيلة (١) Mosquets ، وبالخناجر ؛ أما الفرسان فقد كانوا يتقلدون الرماح : ولم يكن هناك أي نظام تتبعه تلك القوات التي يتم تشكيلها بطريقة ارتجالية. وعندما تنتهي الحملة العسكرية يأوي كل واحد / ١٧٧ / إلى خيمته ، ويظل هناك حتى حصول حملة جديدة. من المفترض أن للشريف ـ الأمير سلطة على كل القبائل المنتشرة في صحراء الحجاز ؛ ولكنه لا يمارس على تلك القبائل إلا سلطة أدبية ، مع أنها تعد خاضعة لسلطته ، وليس لذلك أي قانون محدد. ولمّا كان بين القبائل منافسات مستمرة ، فإن الشريف ـ الأمير كان يستخدم هذا الأمر للحفاظ على سلطته ، مستفيدا من خلافاتهم ، وداعما بالتناوب ، وحسب المصلحة في تلك الفترة ، هذه القبيلة أو تلك.
لقد كانت سياسة الأشراف على الدوام تقوم على مداهنة البدو لكسب ودهم ؛ إنه الحكم البطريركي بالمعنى الحقيقي للكلمة ، كما كان سائدا في المجتمعات البدائية. لم يخرج غالب عن هذا التقليد ، واتخذ من هذه السياسة أساسا لحكمه. لقد نشأ بين البدو ، شأنه شأن أبناء الأشراف كلهم ، وكان يبدي اهتماما فائقا بأسرته التي نشأ عندها ، وكان يعاملهم على رؤوس الأشهاد ، باحترام فائق. وكان البدو جميعا ،
__________________
(١) Mosquets بنادق الفتيلة (وهي بنادق من نوع قديم كانت تطلق بفتيلة ملتهبة) (عن المنهل) ، وانظر : رحلات بوركهارت ... ، موثق سابقا ، ص ٤٠٧.