إن محمد بن عبد الوهاب لم يؤسس ، مهما قال عنه أعداؤه ، لا مذهبا جديدا ، ولا عبادة جديدة ، ولكنه دعا إلى أن يقوم ذلك كله على القرآن ، كما كان لوثر (١) Luther وهوس (٢) Huss يدعوان إلى الاعتماد على الكتاب المقدس. وليس بمستغرب أن دعوته إلى الأصالة لم تعجب الأتراك الذين كانوا يراقبونه ، وكانوا لا ينون يتبعون استراتيجية تشويه مذهبه لكي يتمكنوا من الافتراء عليه.
ولما استفتى باشا مصر علماءها رأيهم في الدعوة الوهابية أقروا أنها دعوة سنية ، وأضافوا : أنه إذا كان ما عرض عليهم هو حقيقة الوهابية فهم أنفسهم وهابيون (٣) ومهما يكن من أمر فإن المصلح العربي ، لم يلق إلا نجاحا بسيطا في دعوته إبّان حياته ؛ لأن الشرق أكثر تمردا من الغرب أيضا في وجه الإصلاحات. ولما أنجز أسفاره ، وعزم على العودة إلى وطنه ، استقر مع أسرته في إحدى مدن نجد المسماة الدرعية التي أصبحت عاصمة الإصلاح في الإسلام. وكان أهم شخصيات هذه المدينة حينئذ هو محمد بن سعود الذي تزوج ابنة الشيخ واتبع دعوته (٤).
__________________
(١) مارتن لوثرMartin Luther (١٤٨٣ م ـ ١٥٤٦ م) راهب ألماني تزعم حركة الإصلاح البروتستانتي في ألمانيا.
(٢) جون هوس John Huss (١٣٧٣؟ ـ ١٤١٥) مصلح ديني تشيكي اتهم بالهرطقة فأعدم حرقا.
(٣) قارن بما يذكره بوركهارت في : مواد لتاريخ الوهابيين ، موثق سابقا ، ص ٢٣ ـ ٢٤ ، وانظر : الحركة الوهابية في عيون ... ، موثق سابقا ، ص ٩٦ ـ ٩٧.
(٤) قال الدكتور العثيمين في : مواد لتاريخ الوهابيين ، موثق سابقا ، ص ١٠ الحاشية (٥) : " لم تذكر المصادر المقربة من الشيخ زواج محمد بن سعود بابنة الشيخ محمد. ومن المعروف أن الشيخ قد تزوج عمة الأمير عثمان بن معمر ، وأن عبد العزيز بن محمد ـ