(مارس) ١٨٥٤ م وشارك ديدييه في دفنه. وتظهر الفقرات التي تحدث فيها عن الأمة العربية أنه مطلع على تاريخ الحضارة العربية وإنجازاتها الأدبية والعلمية فهو يقول : " إنها أمة عالمة ومثقفة ، نبغت في العلوم قدر ما نبغت في الفن والحروب. لقد كانت خلال أمد طويل ، أمة مبتكرة حيثما قادها حماسها الديني ، لقد كان لها مدارس تزدهر فيها دراسة الطب والعمارة والرياضيات والفلك. وفي هذه المدارس تعلم الغرب ، وأبدعت روائع أدبية ما زالت حتى اليوم متعة العقول المثقفة كلها" (١).
تنوعت مصادر ديدييه التي استخدمها أحسن استخدام ، فأغنت ملاحظاته الشخصية ، ومدوّناته اليومية ، وكان مآل ذلك كله هذه الرحلة الممتعة.
٥ ـ ملابسات الرحلة (٢) :
يكرر ديدييه في غير موضع من رحلته ، أنه ليس في مهمة رسمية ، وأن رحلته ليس لها أي هدف سياسي ، وأن المصادفة وحدها هي التي قادته إلى الجزيرة العربية ، وأنه ، نفسه ، اعترته الدهشة من الاستقبال الحافل الذي لقيه من الشريف الأكبر ، يقول على سبيل المثال : " ... إن وجود بريطاني وفرنسي يجوبان الحجاز في هذه الفترة السياسية السائدة فيه ، مدعاة للشك ، مما يجعل الناس يظنون أن حكومة كلّ منهما أرسلت مواطنها لدراسة الأوضاع في الحجاز ، واستطلاع مدى ارتباطه بالباب العالي ،
__________________
(١) انظر : النص الأصلي لرحلة ديدييه ص / ٣٠٠ /.
(٢) نشكر للأستاذ الدكتور أحمد خالد البدلي ملاحظاته التي دعتنا إلى إعادة النظر فيما كنا قد كتبناه عن الرحلة في مقالنا في مجلة" الدرعية".