اعتمر كل واحد منها طربوشا. وتشيع دعابة مماثلة في الموانئ البحرية الأوروبية بفارق بسيط هو أن الطرابيش تتحول في الحكاية الأوروبية إلى قبعات من القطن (١).
كان الطريق من النبع إلى ذروة جبل كرا أكثر وعورة وخطرا ، وفي النهاية ، وبعد ثلاث ساعات أو أربع من هذا المسير الشاق ، وصلنا قمة الجبل ، وأصبحنا تحت أشعة الشمس التي كان الجبل نفسه يحمينا منها. إن أول ما يلفت النظر هو المجرى المائي الصافي الذي كان ينتظرنا على جانبه مفاجأة أخرى ، بل إكرام آخر. كان هناك في استقبالنا أحد أشراف المنطقة ممتطيا هجانا أبيض ، وكان معه في انتظارنا أيضا شريف آخر اسمه سليم ، يمتطي فرسا بيضاء ، أرسلهما الشريف الأكبر من الطائف مبالغة في إكرامنا. كان يلتف حولهم ستون / ٢٣٠ / من البدو ، من قبيلة هذيل المشهورة بالشجاعة ، وكانوا يرتدون ثيابا تشابه تماما ما كان يرتديه البدو في مقهى شداد ، وهم مسلحون أيضا بالخناجر والرماح والبنادق ذات الفتيلة. كانوا مشهورين بأنهم أمهر الرماة في الصحراء. لقد اصطفوا على طريقنا بكل الاحترام الذي يليق
__________________
(١) قال العياشي في رحلته ماء الموائد (الرحلة العياشية) ، ج ٢ ، ص ١١٦ : " ... ورأينا القرود به (جبل كرا) تصيح وتثب في أعالي تلك الصخور فتعجبنا من ذلك وأخبرنا أنها توجد في هذا الجبل ، وما سمعنا قط أنها بأرض الحجاز ، وإنما يقال : إنها تجلب من الشام والروم إلى مصر والحجاز". عن كتاب : الطائف ، جغرافيته ـ تاريخه ـ أنساب قبائله ، تأليف محمد سعيد بن حسن آل كمال ، ١٤١٦ ه / ١٩٩٥ م ، جمع وتعليق د.
سليمان بن صالح بن سليمان آل كمال ، مكتبة المعارف بالطائف ، ١٤١٧ ه ، ص ١١٤.