قابلنا طوال الأمسية كثيرا من العرب المسلحين في الجبل ، وقابلنا أكثر منهم أيضا في الوادي ، ولكنهم بلا سلاح ، ويعملون بسلام على استخراج الما لري روضاتهم ، أو لسقاية قطعانهم. / ٢٣٥ / وكان الجميع يتركون أعمالهم عند اقترابنا منهم ، ويقبلون للسلام على الشريفين وعلينا بطريقة غير مباشرة. كانت رؤوس هؤلاء البدو المزارعين الذين هم أكثر سوادا من بدو حدّة حاسرة ، وكان كل ما يلبسونه ثوبا قصيرا من الكتان الخشن. وكان كل شيء يوضح أنهم يعيشون حياة ريفية شاقة ، وأنهم يتمتعون بلطف فائق ، وبطبائع وعادات غاية في البساطة. كانت تبدو في عيونهم وهم يروننا نمر أمامهم علائم الدهشة والفضول في بعض الأحيان ، وليس علائم العدوانية أو الضغينة ، ولم يكن ثمة أي ظل من التعصب.
لم يكن علينا بدءا من هذه المنطقة أن ننحدر ؛ لأن الطريق كان يتعرج في بعض المواضع ، ولكنه كان لينا جدا ، وكانت حوافر البغال تنغمس بكاملها في الرمال ، وكانت تسير ببطء شديد مما أخر سيرنا. أدركنا بعد قليل ليل دامس ، ولكنه مرصع بالنجوم ؛ وكانت هناك بعض الأعشاب الشوكية التي تنتشر حولنا ، وتقف في طريقنا ، وتعلق رؤوسها الحادة ببرانسنا وعباءاتنا.
وصلنا أخيرا إلى أسوار الطائف ، كانت الساعة السابعة مساء ، وكان الباب مغلقا ، ولكنه انفتح لحظة وصولنا ، وكأنما بفعل السحر ، لأننا لم نر أحدا يقوم بذلك. دخل الشريف سليم أولا ، وكان مقدّمنا. كان مركز الحراسة التركي المؤلف مما يقارب اثني عشر جنديا من المشاة في رتل واحد ، وقد تقلدوا السلاح لتأدية تحية الشرف