خرجنا من المدينة عبر باب الريع ، وقدم لنا الحرس التركي / ٢٤٣ / التحية العسكرية ، كما حصل عند وصولنا. وما كدنا نتجاوز أسوار المدينة حتى وجدنا أنفسنا نسير بين خرائب ضاحية قديمة تهدمت ، ولم يعد بناؤها أبدا (١) ، ثم تبدأ الصحراء بعد ذلك ، ويقوم غير بعيد على قارعة الطريق مسجد منفرد ترتفع فوقه مئذنة بيضاء.
إن لمظهر قصر الشريف بعض الأناقة ، ولا ترى العين فيه أي تناسق. وهو ليس ضخما ولا أنيقا ، إنه خليط غير متناسق من الأبنية المتجاورة بدون نظام ، والتي أقيمت بلا مخطط ، ولكن يحيط بها سور واحد ، ومن المؤكد أنه واسع من الداخل إذا احتكمنا إلى العدد الكبير من السكان الذين يضمهم بين جنباته.
ليس للشريف الأكبر إلّا امرأة واحدة شرعية ، كما هي العادة اليوم بين المسلمين ، ولكن حرمه يعج بما يقارب ستين جارية من السود أو البيض ، وعدد لا يقل عن ذلك من الخدم الذكور ، ناهيك عما يقارب مئة من الخصيان أو غيرهم مكلفين أعمالا مختلفة. أجهل عدد أبنائه ، إلا أنني لمحت أحدهم وكان حينئذ يبلغ العاشرة أو الثانية عشرة من العمر ، والذي وافته المنية بعد ذلك الحين ، وكان يرتدي ثوبا من الحرير الأصفر. يمتلك الشريف الأكبر ثروة ضخمة ؛ لأنه استرد ثروة أبيه غالب كلها ، ويزعم الناس أن في خزانته مئة مليون فرنك ، ناهيك عن أنه يتلقى منحة سنوية من إستانبول
__________________
(١) ذكر الدكتور آل كمال في مقاله الموثق سابقا ، أن هذه الضاحية هي قرية السلامة التي تقع في قبلة الطائف من قبل باب الريع.