عباس ؛ ابن عم النبي صلىاللهعليهوسلم. إن هذا المسجد (١) الذي يسمّى باسمه باب المدينة القريب منه ، هو الصرح الديني الوحيد في الطائف الذي يستحق أن يولى بعض الاهتمام ، وقد هدمه الوهابيون (٢) ، كما فعلوا بكل هذا النوع من المعالم المقامة على أضرحة الأولياء إجلالا لهم ، وحتى تلك التي أقيمت على ضريح النبي صلىاللهعليهوسلم نفسه ؛ لأن صرامة عقيدتهم ، كما رأينا سابقا ، لا تبيح مثل ذلك ؛ فهم ينكرون كل البدع ، ويحظرون تقديس الأولياء. فالله وحده أهل للعبادة ، وينبغي أن تكون عبادته روحية وليس لها أي جانب مادي. وقد أعيد بناء مسجد عبد الله بن عباس مرة أخرى بعد انسحاب الوهابيين من الطائف ؛ ولكنه طلي بالكلس الأبيض من أعاليه إلى أسافله ، فأصبح له مظهر حديث لا يتناسب تاريخيا مع زمن بنائه المتقدم. وغير بعيد عن المسجد هناك معلم من عصر مختلف تماما ، ومن طبيعة مختلفة أيضا : إنه حجر طبيعي ، ولكنه
__________________
(١) انظر حول وصف مسجد عبد الله بن عباس : إهداء اللطائف ... ، موثق سابقا ، ص ٧٣ ـ ٧٨ ؛ الزركلي ، ما رأيت وما سمعت ، ص ٥٤ ـ ٥٥ ؛ تاريخ الطائف قديما وحديثا ، موثق سابقا ، ص ٦٧ ؛ ومعجم معالم الحجاز ، ج ٨ ، ص ١٤٨ ـ ١٤٩.
ويرجح أن بانيه هو الناصر لدين الله أبو العباس أحمد بن المستضيئ بأمر الله وكانت خلافة الناصر من ٥٧٥ ه إلى ٦٢٢ ه ، وذلك سنة ٥٩٢ ه. ثم جدد بناؤه عددا من المرات. انظر : إهداء اللطائف ... ، موثق سابقا ، وتعليقات المحقق.
(٢) قال بوركهارت في رحلاته ... ، موثق سابقا ، ص ٨٢ : " ... وكان على قبر ابن عباس قبة حسنة ، وكان يزوره كثير من الحجاج ، إلا أن السلفيين قد هدموه تماما". وقال العجيمي في إهداء اللطائف ... ، موثق سابقا ، ص ٧٣ : " ... وعليه قبة صغيرة من خشب أيضا ، ليس بينها وبين سقف المسجد إلّا نحو شبرين ...". واستولى الوهابيون على الطائف في عام ١٨٠٢ م / ١٢١٧ ه بقيادة عثمان المضايفي.