الأسوار ، حتى وجدنا على يميننا قصرا ضخما أبيض ، تحيط به حديقة خضراء / ٢٦٨ / كثيفة الأشجار ، اسمه شبرا مثل اسم قصر خالد باشا الذي يقع على بعد ثلاثة أميال من القاهرة. ثم دخلنا بعد ذلك في مراع فسيحة حيث أدركنا الليل هناك. وكانت تبدو من بعيد في الظلام باقات من أشجار النخيل ، وكان ضجيج قطعان الماشية يختلط بعواء الكلاب. واستمر بنا السير على تلك الحال حتى وصلنا إلى قرية لقيم (١) التي كانت المحطة الأولى في هذه المرحلة.
وكان أحد تجار الطائف ، واسمه قاري Kari ، وهو عدو لأسرة شمس ، يمتلك في هذه القرية منزلا هيأه لنزولنا ، وجاء بنفسه إلى القرية لاستقبالنا مع بعض أقاربه. لقد أراد ، وبعد أن استضافتنا أسرة عدوه شمس في الطائف على غير ما كان يتمناه ، وتعويضا عما حصل ، أن يستقبلنا في بيته الريفي. لقد أدى واجبه على الوجه الأكمل ، وإن كان لي ما آخذه عليه فهو أنه جعلنا ننتظر خروف الضيافة المعتاد حتى بعد منتصف الليل. كان يشرف على العشاء ، ولكنه رفض المشاركة فيه : حسبما تقتضي أصول اللياقة. نمنا كما ينام المسافرون ، أي بكامل ثيابنا ، في غرفة كبيرة في الطابق الأول ، وقد فرش فيها من أجلنا السجاد بعضه فوق بعض. ولّما أطللت في الصباح
__________________
جنوب ـ جنوب غرب ... وقد كان فيما مضى باب رابع اسمه : باب تربة ، ولكن محمد علي عندما استولى على الطائف من الوهابيين أمر بسده لأن هجمات الوهابيين كانت من هذا الجانب ، ولم يعد يعرف مكانه من ذلك الحين.
(١) في الأصل Gouem ، ولعل الصواب لقيم. وقد أشار البلادي في كتابه : على طريق الهجرة (رحلات في قلب الحجاز) ، د. ت. ، ص ٣٧ أن لقيم تنطق مدغومة القيم ولعل ديدييه سمعها كذلك. وقال البلادي إنها من أودية الطائف.