ينخفض فجأة ، ويصبح الطريق منحدرا انحدارا عموديا إلى قعر هوة ، كان هذا الممر المسمى ريع المنحوت بفضل الله قصيرا ، ولكنه كان من الصعوبة بمكان. ولم تكن الهجن لتستطيع السير فيه إلّا بصعوبة كبيرة ، وكانت تنزلق في كل خطوة على / ٢٧٠ / الصخور الناتئة أو المتحركة. مع ذلك فإنني لم أهن سحابة ، وهو اسم الهجان الذي كنت أركبه ، بالنزول من على ظهره ، بل بقيت بشجاعة على الرحل ، ولم أندم على ذلك.
وصلنا كلانا ، الهجان وأنا ، سالمين إلى أسفل الهوة ، ولم تكن بقية القافلة أقل حظا منا ، ولما تجاوزنا تلك العقبة ، دخلنا في ريع أكثر تناسبا مع قدرة الإنسان هو : ريع الزلالة. وقد كان هذا المكان في سالف الأيام يثير رعب المسافرين ، الذين كان بدو قبيلة عتيبة يهاجمونهم فيه ، ويسلبونهم أمتعتهم ؛ وعتيبة (١) قبيلة قوية ، ومحبة للحرب ، تنتشر في الجبال الممتدة جنوب الطائف حتى المدينة المنورة. ويمكن لها أن تستنفر ثمانية آلاف فارس غالبيتهم مسلحون ببنادق الفتيلة ، وهي لا تني تغزو جيرانها. وعلى الرغم من أنها ما زالت تتقاضى خوة من القوافل التي تعبر أرضها ، فإن سلطتها لم تعد تمتد إلى هذه المنطقة ، ولم يخطر ببالي أبدا أن يعرض لنا عارض خطر لأننا كثر أولا ، ولأننا ضيوف الشريف الأكبر ، ونحن في حمايته ، سواء كنا في جنابه أم بعيدين عنه.
__________________
(١) انظر عن قبيلة عتيبة كتاب : الطائف ، جغرافيته ـ تاريخه ـ أنساب قبائله ، موثق سابقا ، ص ٨٦ ـ ١٠٣.