الخصف (١) Djebel ـ Em ـ el ـ Khassaf الذي كان يسد الأفق أمامنا. ولكننا لّما التففنا حول هذا الجبل الأخير ، بدا ممتدا أمامنا واد ضخم ، ومع أننا كنا نسير ، والشمس توشك على الغروب ، فإنها كانت تشع أمام عيوننا ؛ مما كان يضايقني على الرغم من أنني كنت أضع كفية للاحتماء منها ، ولم أكن أرجو إلّا رؤيتها تغرب. لقد غربت أخيرا ، وعند الغروب كنّا ندخل في وادي الليمون أحد أشهر أودية هذه المنطقة من الحجاز. ولم أكن أستطع الحكم سلفا إن كان يستحق هذه الشهرة ، لأن الليل لم يتأخر في إدراكنا ، ولم يتركني أرى إلّا المظهر العام المظلم للجبال على خلفية ملتمعة من النجوم.
كنا نسير منذ اثنتي أو ثلاث عشرة ساعة ، وبدأ البشر والحيوانات يشعرون بالحاجة إلى الراحة. توقفنا لقضاء الليل قرب قرية الزيمة التي لم يكن أي شيء ، لا وميض ضوء ، ولا أي ضوضاء يدل على أنها في جوارنا ، ولّما لم يكن معنا خيام فإننا خيّمنا في العراء فوق الرمال ، كما لو أننا جنود في حملة عسكرية ، وذهب العرب الذين برفقتنا ليأتونا بالحليب ، وجاؤوا بما يكفي الجميع.
وبدأ غاسبارو في ممارسة مهنته للمرة الثانية منذ أن غادرنا جدة ، ولم يتأخر العشاء بفضل المؤنة التي حملناها من الطائف. وبعد وقت قصير كانت القافلة كلها
__________________
(١) المعروف هو أبو خصف : جبل كبير أشهب يقع على وادي نبع الشرقية مقابل لجبل أظلم من الشمال ، قرب الجعرانة (وهي على طريق مكة ـ الطائف). انظر : معجم معالم الحجاز للبلادي ١٣٩٩ ه / ١٩٧٩ م ، ج ٣ ، ص ١٣٠ ـ ١٣١ ؛ وانظر : معجم أودية الجزيرة العربية ، عبد الله بن خميس ، ط ١ ، ١٤١٥ ه / ١٩٩٤ ، ج ٢ ، ص ٣٢٤.