مستوية تماما حتى إن قطعها يحتاج إلى أربعة أيام. كنا قد انطلقنا متأخرين ، وكان الليل سيدركنا قريبا ، ليل هادئ ومضاء كما هو حال كل الليالي في هذا الجو البهيج. كنا مستريحين بفضل التوقف الطويل في سولة ؛ لذلك كانت القافلة تسير بسرعة وخفة ، وكان الجميع في أحسن حال ، وخصوصا العبد مرزوق الذي كان يسلينا بحيويته وبسروره الدائمين. كان مكلفا بخدمتي حصرا ، وكان يمشي إلى جانب هجاني ، وكنت من وقت إلى آخر أردفه ورائي ، وقد بدا متأثرا كل التأثر بهذا الاهتمام / ٢٨٤ / الذي قابله بمضاعفة اهتمامه بي. ولّما اقتربنا من الريان ؛ وهي قرية في وادي فاطمة حيث يسكن الشريف حامد ، وكان علينا النوم فيها ، سمعنا من بعيد صوتا منغما ، وأجابه صوت مماثل انبعث من وسط القافلة ؛ ثم ساد الصمت ، وبعد لحظات قليلة وجدنا أنفسنا وجها لوجهه مع جماعة من الناس ؛ منهم من يمشي ، ومنهم من يمتطي الهجن ؛ لقد كانوا من أسرة الشريف حامد ومن خدمه ؛ الشريف حامد الذي تقدمنا ، ولم نتأخر في الوصول جميعا معا إلى منزله.
يقع منزل الشريف في مكان قليل الجاذبية ، محروم من أي ظل ، ويرتفع على بعد خطوات منه جبل من الجرانيت ، ليس فيه أي خضرة ، تسكنه نسور من النوع الكبير. كان المنزل مؤلفا من عدد من البيوت المربعة ، المنخفضة ، وغير المنفصلة ، ويفصل بينها أفنية وجدران : كان يسكن في أحدها الخدم من الرجال ، وفي آخر ، أكبر من الأول تسكن الحريم ، وكان بيت ثالث يستخدم ديوانا ، ويجلس فيه رب البيت خلال النهار ، ويستقبل فيه الأجانب والزوار ، ويصرّف شؤونه ؛ وقد أعدوا لنا هذا البيت. نمنا