البدو ، يجلسون القرفصاء حوله ، وكلهم آذان صاغية. كان يوجه للجميع كلاما لطيفا ؛ إنها محكمة في الهواء الطلق ، تثير الإعجاب حقا ، وكنت على الخصوص مأخوذا باللياقة وبالهدوء اللذين كانا يسودان هذا الجمع الغفير.
نهض كل الحاضرين لدى وصولي ، وحيّوني بلطف كبير. ولّما كنت ضيف الشريف ، فإن احترامي من احترامه ، ناهيك عن أنني ما زلت ضيف الشريف الأكبر الذي كان ، على الرغم من بعد المسافة ، يسبغ عليّ حمايته بعد أن سارت الركبان بخبر استقباله لنا. كان وجودنا يثير خيال العرب فتعددت الروايات وشاعت حول هدف رحلتنا. علمت فيما علمت ، عند عودتي إلى جدة ، أن بعض الناس حسبونا اثنين من الباشاوات أرسلهما السلطان للقبض على الشريف الأكبر ؛ كان بعض أولئك البدو (من أتباع الشريف) يرافقوننا / ٢٨٣ / في الذهاب ، وقد كان بإمكانهم إطالة الطريق لو أن الشريف حامدا أراد ذلك.
كنا نسير في واد يشبه الوادي الذي قطعناه في الصباح ، كان محاطا مثله من كلا الجانبين ببساتين ، وتغطيه في الوسط الرمال الجرداء التي تنتشر فيها بعض الجنيبات الشوكية. ولا يمكن لشيء أن يعطي فكرة عن هذا النوع من الأودية أفضل من تخيل نهر عريض يجري بين شطين تنتشر عليهما الخضرة ، ولتخيل ذلك الوادي نستبدل بالماء رملا. سيكون من التكرار الممجوج القول : إن الجبال الجانبية جرداء تماما ؛ لأنها تتشابه في هذا الجانب ، وكان في آخر الوادي جبل مميز بشكله من الجبال الأخرى كلها : فبدلا من النتوءات والقبب التي تتوج الجبال الأخرى كانت قمة جبل الحرة ، وهو اسمه ،