لا يدعي المؤلف أنه يقدم لوحة تاريخية ، ولا لوحة صغيرة ، وإنما يقدم مجرد رسم بسيط لأحداث الرحلة ، ويعلن بصراحة ، مخلصا بذلك لما اعتاده فيما سبق ، أنه لم يسمح لنفسه ، وهو يرسم الأشخاص والأشياء ، باستخدام أي تجميل ، ولا تعديل ، إن لم يكن متوافقا مع الواقع. لقد استطاع بذلك أن يبتعد عن كل ما يغري الجهلة أو المنحرفين ، وعزاؤه في ذلك ، أنه يعتقد اعتقادا راسخا أن الرحلة المتخيلة أسوأ الروايات كلها.
ومهما يكن من أمر ، فإنه يستطيع القول مع مونتيني (١) Montaigne : إن هذا كتاب صادق ، وإنه ، بحالته الراهنة ، كتابه. لم يؤلفه مستعينا بكتب أخرى ، ولا بحسب انطباعات الآخرين ، ولكنه يحتوي على ذكريات شخصية ، وعلى ملاحظات سجّلت يوما / VII / بيوم في أماكن حدوثها.
ولكي يطمئن القارئ (نقول) : إن الهدف من نشر هذه الرحلة يتحقق إذا استطاعت الأحداث التي تتضمنها أن تجعل بعض الأذكياء يطلعون على المهزلة التي تقوم بها أوروبا لصالح تركية.
|
باريس ، في ٢٠ أكتوبر (تشرين الأول) ١٨٥٦ م |
__________________
(١) Michel Eyquem de Montaigne ـ ميشيل إيكيم دو مونتيني (١٥٣٣ ـ ١٥٩٢ م) : أديب ومربّ فرنسي. اشتهر كتابه" مقالات Essais ".