على تعليق شيء يملكونه عليها لكي يدفعوا عنهم مصائب الدهر ؛ وهذا الشيء هو عادة قطعة من قماش ثيابهم. تلك هي حالة الشجرة التي تحدثت عنها ، وقد اكتسبت اسمها من الحجاج المتوجهين إلى الحج ، والذين لا يفوّت أحد منهم أن يقوم بهذه الممارسة الطقوسية : لذلك تبدو هذه الشجرة مملوءة بالخرق الوسخة من كل الأشكال ، ومن كل الألوان ، بدلا من أن تحمل أزهارا وثمارا ، بل أوراقا (١). إنه ضرب من النذور غريب!
__________________
(١) تحدث سنوك هورخرونيه في كتابه : صفحات من تاريخ مكة المكرمة ، ترجمة د. علي عودة الشيخ وأعاد صياغته وعلّق عليه د. محمد محمود السرياني ، ود. معراج نواب مرزا ، ط. دارة الملك عبد العزيز ، الرياض ١٤١٩ ه / ١٩٩٩ م ، ج ٢ ، ص ٣٧٦ ـ ٣٧٧ عن شجرة مماثلة فقال : " وعلى الطريق المؤدي من جدة إلى مكة المكرمة ، توجد هناك شجرة يقدسها أهالي المنطقة المجاورة ، التي تحوي كل أنواع الخرق الملونة.
ومن المعلوم أن عبادة الأشجار وتقديسها عادة جاهلية قديمة في الجزيرة العربية. والسؤال هو : لماذا كل هذه الخرق البالية على هذه الشجرة؟ والجواب عن ذلك يأخذ صورا عديدة ، فبعض الناس يقولون : إن هناك شيخا مدفونا تحت هذه الشجرة ، وإن ذلك من قبيل تبجيله. وفي رواية أخرى : أن هذه الشجرة هي شجرة الرضوان التي تمت تحتها بيعة الرضوان سنة ٦٢٨ م (ذي القعدة ٦ ه). وهناك تفسير ثالث : هو أن الرسول الكريم قد نشبت عمامته في الشجرة ، فتمزق بعضها وعلق في الشجرة ، ولهذا فإن الناس يعلقون هذه الخرق كذكرى لما حدث مع الرسول الكريم صلىاللهعليهوسلم" وعلق مخرجا الكتاب بالقول في ص (٣٧٧) الحاشية : من المستحيل أن تكون الشجرة المذكورة هي شجرة الرضوان ؛ لأن الثابت تاريخيا أن هذه الشجرة قد قطعها عمر بن الخطاب رضياللهعنه ؛ دفعا لهذه البدع. غير أن الناس لم يتورعوا عن ذلك فيما بعد فاتخذوا لهم شجرة ربما كانت في المنطقة المجاورة للشجرة القديمة. ولكن الشجرة التي يتحدث عنها ديدييه تقع على الطريق بين القاهرة والسويس ولعلها عند مقام ضريح أحد الأولياء الذين يكثرون في تلك المناطق.