على الرغم من أنه كان فقيرا حتى إنه لا يستطيع تقديم القهوة كما تقتضي عادات الضيافة ، إلّا أنه أجبرني على استخدام شيشته الخاصة لأنه لا يملك أخرى ، وقد فرش لي على المقعد الحجري الذي كان يتخذه مقعدا ، أجمل سجادة يملكها. إن في الطور مسجدا يقع في موقع جذاب على شاطئ البحر ، وفيها أيضا كنيسة إغريقية وسخة ومظلمة ، بيد أنني وجدت فيها عددا من الكتب واللوحات الغريبة ، واستقبلني فيها راهب عجوز يضع نظارتين. أما من الناحية الروحية فإن المدينة ، إن كان هناك مدينة ، تابعة لرئيس الأساقفة الإغريقي لجبل سيناء ، وسياسيا لباشا مصر الذي تمتد سلطته حتى هذا المكان. ونشاهد فيها أيضا بقايا سور كان يحيط بالمكان ، وبقايا حصن صغير / ٣٩ / أنشأه السلطان سليم الأول (١) ، الذي حصّن كل المواقع المتقدمة في إمبراطوريته. لقد بني الحائط والحصن ، وكذلك بيوت المدينة من الحجارة المزينة بالأصداف التي تكثر على شواطئ البحر الأحمر. إن أفضل ما في الطور ماؤها : وإن المراكب التي تمر في هذه المنطقة لا تعدم التزود بالماء وتخزينه ؛ مما يمنح ميناء الطور (٢)
__________________
(١) انظر : تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ١٣٨ ، وسليم الأول (١٤٧٠ ـ ١٥٢٠ م) سلطان عثماني من (١٥١٢ ـ ١٥٢٠) فتح فارس ، وسورية ، ومصر ، ويعد أول الخلفاء العثمانيين (عام ١٥١٧ م).
(٢) جاء في كتاب : تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ١٣٣ : " ... ولهذه المدينة ميناء حسن له جرف مرجاني يمتد عشرات من الأمتار تحت الماء حتى أنه يمكن للسفن البخارية الاقتراب من البر بسببه. وهو ضيق جدا لا يسع إلا السفن الصغيرة ...".