خادم في الشرق وظائفه المحددة ، ثم قدمناها إلى ذلك الجمع ، وافترقنا ونحن على وفاق تام.
لقد دار ذلك المشهد السلوكي على تخوم إحدى واحات النخيل التي كانت أقل جمالا وأقل نباتا من واحة حمّام التي تجاورها ، والتي تعد بلا شك امتدادا لها. وقد كان هناك في مكان غير بعيد بئر عامة (يستطيع كل الناس ورودها) ، وكان يحميها من غزو الرمال مثابة (١) مبنية. أقول : بئر عامة ؛ لأن الآبار في الصحراء تمتلكها عادة القبيلة التي توجد تلك الآبار في أرضها ، وتطلب تلك القبيلة مكوسا من الأجانب الذين يأتونها ، ومن مسافات بعيدة كل البعد في بعض الأحيان ، لإرواء قطعانهم وأسرهم. ولم نجد بعد أن تجاوزنا هذه الواحة أي نباتات أخرى إلا بعض الأشجار أو الجنيبات (٢) الجافة / ٥١ / التي لا ظلّ لها ، ولا يكاد يكون لها أوراق.
لقد كان الطقس حتى هنا جميلا ، ثم أصبح فجأة ينذر بالخطر ؛ فقد أصبح لون السماء ، داكنا ومصفرا ، يوحي بالشؤم ، وملأت السماء في وقت قصير السحب
__________________
(١) Margelle ـ مثاب (مثابة) البئر ؛ وهو حجر منقور يثبت حول فوهة البئر" عن المنهل".
(٢) Arbustes Rabougris ـ الجنيبات الجافة مفردها جنبة : وهي الأشجار التي لا ظل لها لصغرها ، وتظل صغيرة حتى لو شاخت ، وقد ترجمها مترجما رحلات بور كهارت : جنيبات وذكرا في الحاشية ، ص ٣٧٣ ـ ٣٧٤ ما نصه : " ورد في معجم الشهابي للعلوم الزراعية ما ننقله باختصار : نبات معمر خشبي يتميز عن الشجر بقلة ارتفاعه وإن شاخ ، ويبدأ نمو فروعه من قاعدته ، ولا يجوز تسميتها شجيرة لأن الشجيرة تكبر فتصير شجرة ، وفي لسان العرب أن الجنيبة هي ما فوق البقل ، ودون الشجر".