إلى إنكلترا ثانية. وما سره شيء مثل علمه بأن لدينا بعض العشائر ، وكان دقيقا جدّا في أسئلته عن أطوار عشائرنا ولغتهم وأخلاقهم ورجاني أن أذكر له بعض أسماء تلك لعشائر ، وقد فتنته فكرة الكتائب العشائرية بأزيائها الخاصة وضباطها ، إلا أنه استغرب من أن تكون الطبقة الحاكمة من الإنكليز أبناء المدن ، غير العشائريين ؛ وكان استغرابه أشد عند علمه بأن أبناء المدن جنود بواسل هم الآخرون. وقد أثار سؤاله عن الأماكن التي نستورد منها الرز ذكر العالم الجديد ، فسألني من فوره عن كيفية اكتشاف تلك القارة فأجبته أن قد أثبت علما الفلك والهندسة بأن الأرض كروية كالبرتقالة. وقد مثلت هذا الشطر من تفسيري برفع قبضة يدي قائلا «هنا فرنكستان ، وهنا الهند ، وهو ذا الطريق المؤدي إلى الهند من فرنكستان ، إلا أن بعض الناس صاروا يتساءلون لم لا نستطيع طرق الاتجاه الآخر المفضي إلى الهند ؛ فرأى البعض ذلك وأنكره البعض الآخر. وقال شخص أجرأ من الآخرين أنه سيحاول ذلك ، ووجد أميرا زوده بالسفن وبالوسائل التي تمكنه من القيام بمحاولته فاكتشف القارة الجديدة بسلوكه ذلك الطريق غير المطروق إلى الهند». ففهم هذا الأمر كل الفهم. وعند إيضاحي له نوع الجمهورية الأمريكية قال : «إن شأنها شأن عشائر ال (خوش ناو) (١) حيث يترأس كل قرية رئيس ، وهم يجتمعون سوية للتشاور في صالح العشيرة بكاملها».
__________________
(١) عشائر ال (خوش ناو) ثلاث هي : مير مه حمه لي ومير يوسفي وبيشده ري. وبين الأوليتين ثار قديم يجعلهما في حرب مستمرة لصالح الباشا الباباني الذي لا يتمكن من إدامة سيطرته عليهما إلا باستغلال مهارته للاستفادة من انشقاقهم على أنفسهم ، كما يديم الأتراك والإيرانيون سيطرتهم عليه تماما. وهنالك جدول صغير يفصل بين العشيرتين ، ولهم جامع واحد مشترك يجتمعون فيه أيام الجمعة للصلاة ثم يفترقون من بعدها ، فيرجعون على الأغلب إلى أماكنهم عند النهر ويشرعون بتبادل الرمي. وقد شرعوا مرة بالخصام في الجامع فقتل عشرون أو ثلاثون منهم.