وعلى الأخص أهالي (جوان رو) ، في أشد حالات (البربرية) البداوة ، وهم تابعون اسميّا إلى والي (سنه) إلا أنهم في الحقيقة مستقلون الاستقلال كله عن غيرهم : يعيشون في الغابات وفي معاقلهم وليس لديهم ما يجذب الزوار إليهم ، وهم لا يزاولون الزراعة ، ويقال إنهم يعيشون على ثمر البلوط والأثمار البرية وحسب. وقد يكون الأمر الفذ بين هذه العشيرة الوحشية هو السيطرة العظمى التي تنعم بها نساؤهم ، وكثيرا ما تقمع المرأة منهم الخصومات المستفحلة بين الرجال ، ولولاها لما انتهت إلا بسفك الدماء ، إذ إن أفراد هذه العشيرة كغيرهم من الوحوش نزقون حقودون ، وليس لحياة المرء عندهم أي قيمة. ويعيش الرجال والنساء منهم سوية دون أقل تصنع في التحجب ، وكثيرا ما تثير ثائرة تاجر الخشب البغدادي الأسئلة التي يوجهونها إليه على الدوام نحو : «ما هو اسم زوجتك؟ وكيف تلبس؟» وغير ذلك.
لقد أيد لي رواية هذا المخبر ، الكثيرون من الكرد الذين زاروا تلك المنطقة البدائية .. وعجبت لسماعي أن في منطقة (شهرزور) بعض القرى التي يسكنها أفغانيون أقحاح ، وقد نزح هؤلاء إلى هذه الناحية من البلاد على أثر مقتل (آزاد خان). ويقال إنهم لا يزالون يتخاطبون بينهم بلغتهم ، وهم في حالة فقر مدقع ، ويعدون من صنف الفلاحين. وتوجد في كردستان بعض الوسائل الإفشارية (١) أيضا ، وقد قابلت أحد «آغوات» أو سادة هذه العشيرة واسمه عيسى آغا ، وكان رجلا مسنّا جميل الصورة جمالا غير اعتيادي ، ذا طول فارع ووجه جليل. وقد قيل لي إنه وإن كان قد نشأ في كردستان ، فمن الممكن التعرف فورا من لهجته بأنه ليس كرديّا. وليس هناك أحد يحسن التكلم بالكردية تكلما صحيحا إلا الكردي المولود في كردستان ، وهذا أمر ينطبق على اللّغة الإنكليزية على قدر ما
__________________
(١) عشيرة نادر شاه.