عند الفجر عادة ، وبارتفاع الشمس فوق التلال تهب من الشرق ريح خفيفة يستمر هبوبها حتى الزوال. وعند الظهر يهب عادة من الجنوب نسيم أو قل هبّة ريح قوية أو هبتان قويتان. وإذا ما مالت الشمس إلى الزوال انتقل الهبوب إلى الغرب. وقد وجدت الإصباح مما لا يرتاح إليها المرء ، أما الأعصر فبهيجة جدّا ، يهب عندها نسيم عليل من الغرب. وإنني لاحظت هذه الظاهرة الجوية في جميع الأيام التي لا تهب فيها الرياح الشرقية ، أما أشد ساعات النهار حرارة فتبدأ مع الظهر وتنتهي في الثالثة بعده.
٦ تموز :
كنت في ليلة أمس مع عثمان بك وقد وجدته شارد البال ، منقبض النفس كثيرا بالرغم مما بذل من جهد كبير لمكالمتي وإيناسي. وقد لاحظت الحالة ذاتها عند الباشا الذي قضيت مساء اليوم السابق معه. وبعد أن غادرت مجلس عثمان بك بقليل وكانت الساعة حوالي الحادية عشرة قبل منتصف الليل ، أوقف عبد الله باشا ، وحجز في غرفة منعزلة عن حرم القصر ، وقد سارت في الوقت ذاته مفرزة بقيادة سليمان بك للقبض على إخوان عبد الله باشا الذين يقطنون في مقاطعتهم في منطقة غرب السليمانية. والدافع لهذا العمل كما علمت هو :
عندما قرر محمود باشا في نهاية الأمر ، وقبل زمن قصير ، الاستسلام للأتراك ، ذهب بصحبة عمه عبد الله باشا وأخويه عثمان وسليمان إلى الشيخ خالد رجل السليمانية التقي الكبير آنذاك. وأقسم هؤلاء الثلاثة يمين الولاء لمحمود باشا. ونظرا لتوقعهم محاولة أمير كرمنشاه استمالة أحدهم إلى جانبه وتحريضه على الباشا ومناوأة الأتراك ، أقسموا على السيف والقرآن وبالطلاق (١) بأنه إذا تلقى أي منهم كتابا من
__________________
(١) وهذا نص القسم «امرأتي طالق مني إذا حنثت بقسمي».