كثيرا. وقد تكلم عن أعمال عمه بتأثر عميق ، وعن شعوره عند اكتشاف خيانته. وقد دلت المشاعر التي أفصح عنها (وكانت ولا ريب مشاعر صميمية) على درجة من الإحساس والإخلاص وحسن السريرة ، لا أتذكر أنني لمست مثيلتها في الشرق مطلقا ، كما أنني أخشى أن لا أجدها في البلاد الراقية كثيرا. وتكلم الباشا عن شؤونه الخاصة واستشارني في الكثير منها.
أشعل علم من النار على التلال المقابلة إعلانا برؤية الهلال في تلك الناحية ، إذن فيوم الغد هو يوم العيد.
١١ تموز :
تحادثت طويلا مع صديقي الفطن عمر آغا ، في أمور عديدة تتعلق بالكرد وبلادهم ، وها أنا أدونها كيفما اتفق.
إن الخوشناويين والراوندوزيين متوحشون أغبياء غاية التوحش والغباء ، ولا يردهم عن قتل الإنسان وازع ، ولكن الصلاة لا تفوتهم مهما كلفهم الأمر وإن كان المعلوم عنهم أنهم يتقاتلون في الجوامع. حدث نزاع على كلب قبل عدة سنين بين رجال منطقتين أسفر عن قتل سبعين شخصا ، قتل منهم ثلاثون في الجامع بعد أن اشترك الفريقان في الصلاة سوية ، وهم لا يزالون يتناحرون بين وقت وآخر لأسباب تافهة مثل هذه. ولا ينتهي العراك بينهم إلا بعد أن يقتل بعضهم. هنالك رئيس خوشناوي غاب عني اسمه لا يزال حيّا يرزق ، حطت في يوم من الأيام ذبابة على عينه فأضجرته ، فأبعدها فعادت ثانية وثالثة حتى غضب فاستل خنجره وطعن به عينه فأعماها وكاد أن يموت.
ولكل رجل من عشيرة (بلباس) (١) مهما كانت منزلته الحق في إبداء
__________________
(١) هذه هي أسماء أربعة من عشائر البلباس وهي (ره مك) و (مه نزوور) و (بي ران) و (مامش).